بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما. قال الشيخ الفقيه الامام العالم العامل العلامة المحدث أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبى بكر فرح الانصاري الخزرجي الاندلسي ثم القرطبى، رضى الله عنه: الحمد لله المبتدئ بحمد نفسه قبل ان يحمده حامد، واشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريكه له، الرب الصمد الواحد، الحى القيوم الذى لا يموت، ذو الجلال والاكرام، والمواهب العظام، والمتكلم بالقرآن، والخالق للانسان، و المنعم عليه بالايمان، والمرسل رسوله بالبيان، محمدا صلى الله عليه وسلم ما اختلف الملوان (١)، وتعاقب الجديدان، ارسله بكتابه المبين، الفارق بين الشك واليقين، الذى اعجزت الفصحاء معارضته، وأعيت الألباء مناقضته، وأخرست البلغاء مشاكلته، فلا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. جعل أمثاله عبرا لمن تدبرها، وأ. امره هدى لمن استبصرها، وشرح فيه واجبات الأحكام، وفرق فيه بين الحلال والحرام، وكرر فيه المواعظ والقصص للافهام، وضرب فيه الأمثال، وقص فيه غيب الأخبار، فقال تعالى " ما فرطنا في الكتاب من شئ (١٢) ". وخاطب به أولياءه ففهموا، وبين لهم فيه مراده فعلموا. فقرءة القرآن حمله سر الله المكنون، وحفظة علمه المخزون، وخلفاء أنبيائه وأمناؤه، وهم أهله وخاصته وخيرته وأصفياؤه، قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: " إن لله أهلين منا (٣) " قالوا: يارسول الله، من هم ؟ قال: " هم أهل القرآن أهل الله وخاصته " أخرجه ابن ماجه في سننه، وأبو بكر البزار في مسنده. فما أحق من علم كتاب الله أن يزدجر بنواهيه، ويتذكر