الجامع لاحكام القران
لابي عبد الله محمد بن احمد الانصاري القرطبي
الجزء الرابع عشر
أعاد طبعه دار احياء التراث العربي بيروت - لبنان ١٤٠٥ هـ ١٩٨٥ م
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الروم
سورة الروم مكية كلها من غير خلاف، وهي ستون آية.
قوله تعالى: الم (١) غلبت الروم (٢) في أدنى الارض
وهم من بعد
غلبهم سيغلبون (٣) في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون (٤) بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم (٥)
قوله تعالى: " الم. غلبت الروم. في أدنى الارض " روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت: " الم. غلبت الروم. في أدنى الارض - إلى قوله - يفرح المؤمنون. بنصر الله ". قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس. قال: هذا حديث غريب (١) من هذا الوجه. هكذا قرأ نصر بن علي الجهضمي " غلبت الروم ". ورواه أيضا من حديث ابن عباس بأتم منه. قال ابن عباس في قول الله عزوجل: " الم. غلبت الروم. في أدنى الارض " قال: غلبت وغلبت، قال: كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم لانهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لانهم أهل كتاب، فذكروه لابي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أما إنهم سيغلبون) فذكره أبو بكر لهم فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلا، فإن ظهرنا كان لنا كذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل أجل خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا جعلته