السلم وتطبيقاته المعاصرة
الشيخ حسن الجواهري
السَلَم ـ بِفَتح السين واللام ـ: مرادف للفظ السلف لغةً(١)، وإصطلاحاً: هو نوع من البيع. فاستعماله صيغة البيع فيه استعمال للفظ فيما وضع له، غاية الأمر أن هذا الفرد من البيع له أحكامه الخاصة الزائدة على أحكام البيع: (وقد عطف في مختصر النهاية القرض عليه، ولعلّ اشتراكهما لفظاً فيه لاشتراكهما في أن كلاً منهما أثبات مال في الذمة بمبذول في الحال)(٢).
والإيجاب فيه:
١ ـ إذا كان بلفظ السلم أو السلف، هو أن يقول المشتري اسلمت إليك أو اسلفتك كذا في كذا إلى أجل، فيقول المسلَم إليه (البائع): قبلت وشبهه. وهذا من مختصات بيع السلم لعدم تعقل معناهما من غير المشتري.
٢ ـ أمّا إذا وقع بغير لفظ اسلمتك أو اسلفتك فيصح الإيجاب من البائع فيقول: بعتك كذا بكذا وصفته كذا إلى أجل كذا، فيقول المشتري: قبلت: ودفع الثمن في المجلس انعقد سلماً لا بيعاً مجرداً عن كونه سلماً إذ أتضح عدم اعتبار لفظ السلمية في صيرورته سلماً بعد أن كان مورده متشخصاً في نفسه.
(فما عن بعض الشافعية من أن ذلك بيع لا سلم فلا يجب القبض في المجلس وغيره من أحكامه نظراً إلى كون الإيجاب بلفظ البيع واضح الفساد، إذ مع كون الأوْلى النظر إلى المعاني، لا تنافي هنا بين اللفظ والمعنى ضرورة كون السلم نوعاً من البيع، فليس في لفظ البيع ما يقتضي كونه غير سلم حتى يحتاج إلى ترجيح النظر إلى اللفظ على المعنى)(٣).
٣ ـ وكذا يقع السلم (من البائع) بلفظ: استلمتُ، وتسلّفت وتسلّمتُ، فيقول المشتري (المسلِم): قبلت ونحوه، فيكون الموجب هو البائع والقابل هو المشتري.
٤ ـ كما يصح السلم بلفظ الشراء، فيقول: اشتريتُ منك ثوباً أو طعاماً صفته كذا بهذه الدراهم إلى أجل كذا، فقال البائع: بعته منك، فهنا ينعقد هذا البيع سلماً ويكون صحيحاً بناءاً على جواز تقديم القبول على الإيجاب، كما هو الصحيح. أما لو قال البائع: قبلت، فقد يقال بصحته أيضاً بناءاً على صحة العقد، بالإيجاب من المشتري والقبول من البائع.