بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد. ( نهج البلاغة ٤: ٤٩)      ظلم الضعيف أفحش الظلم. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      أغنى الغنى العقل. ( نهج البلاغة ٤: ١١)      لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      صدر العاقل صندوق سره. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      
البحوث > الفقهية > الاجتهاد بين احكام الدين وأهداف الدين الصفحة

الإجتهاد بين أحكام الدين وأهداف الدين
محمد رضا حكيمي*
حينما نناقش موضوع الاجتهاد، ينبغي أن نأخذ بنظر الاعتبار كل الأبعاد والمساحات التي تمتد إليها تأثيرات الاجتهاد، أي أن النقاش لابد من أن يشمل مختلف قضايا المجتمع الإنساني وهمومه فلو طرحنا الاجتهاد ضمن أطر محدودة، سيبقى الاجتهاد ذاته محدوداً، والحال أن الاجتهاد رسالة متكاملة، بينما الأطر المحدودة تفرّغ الاجتهاد من سمته الرسالية.
الاجتهاد المقيّد المحدود لا يصنع المجتمعات. ومن الممكن أن يسأل سائل: وهل ينبغي للاجتهاد أن يصنع مجتمعات؟ وهل الاجتهاد من سنخ علم الاجتماع؟
والجواب هو أن الاجتهاد ليس من سنخ علم الاجتماع، إنه أعلى مرتبة من علم الاجتماع، الاجتهاد صانع المجتمعات.
غالبية الأبحاث التي ظهرت لحد الآن وتناولت قضية الاجتهاد، تناولته من زاوية «احكام الدين»، وليس من زاوية «أهداف الدين». بينما أحاول هنا أن أنظر للاجتهاد من نافذة «أهداف الدين».
منذ أن كتب جمال الدين الحسيني المعروف بالأفغاني رسالته للميرزا الشيرازي، طالباً إليه العمل على إسقاط الدولة القاجارية، وتحرير الشعب الايراني المسلم من قبضة البلاط القاجاري المنحط ورجاله العملاء منذ ذلك الحين دخل الاجتهاد مرحلة جديدة من تكاليفه ورسالته، هي مرحلة مقارعة الاستعمار والاستبداد في البلاد الإسلامية.
الصورة الصحيحة للاجتهاد ليست تلك التي تظل وقفاً على الحوزات العلمية وتكتفي بالبحث الخارج. فمن أوساط هذه الاجتهادات ذاتها والحوزات العلمية ودروس البحث الخارج يظهر مراجع التقليد، ليمسكوا بايديهم زمام الحياة الدينية والاجتماعية ومبادرات الأمم المسلمة. وإذا ارتضوا (مراجع التقليد) العيش فيما وراء القرون، عاشت الشعوب المسلمة فيما وراء القرون أيضاً، أما إذا اقتحموا العصر وتحوّلاته، أقتحمت معهم الأمة هذه التحولات.

* رائد المدرسة التفكيكية في الحوزة العلمية.