الخمس
الشيخ محمد جعفر شمس الدين
(واعلموا إن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه. وللرسول، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، إن كنتم آمنتم بالله، وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قديرا)
تسمى هذه الآية بآية الخمس. في سورة الأنفال.
بعد أن بين الله سبحانه، حكم الغنائم في مطلع هذه السورة المباركة بصورة إجمالية، وإنها لله والرسول.
جاءت الآية المباركة لتبين بالتفصيل، مصارف هذه الغنائم، فقسمتها إلى خمسة أقسام. جعلت أربعة منها للمسلمين، فكان ذلك موجبا لتأثرهم، وندمهم على ما استشعروه من غمط للحقوق، عندما انتزعت الغنائم منهم بادىء ذي بدء. وأدركوا الحكمة السامية من وراء ذلك. وأنها إنما كانت ترمي إلى ما ذكرنا من تصفية نفوسهم من شوائب المادة، ليكون جهادهم لعدوهم، وخروجهم من ديارهم، ذا غرض يسمو على كل القيم المادية الحقيرة، ويخلص لله وإعلاء كلمته في الأرض.
وعندما نراجع كلمات اللغويين في معنى الغنيمة، نجد أنهم ينقسمون في تعريفها إلى فريقين.
فريق يأخذ في مفهومها، عدم بذل جهد أو مشقة(١)، كما في القاموس، حيث يقول في تعريفها "الغنم بالضم، والمغنم والغنيمة، ما يظفر به الإنسان ويناله ويصيبه من غير مشقة"). وفريق آخر، يذهب إلى إطلاق الغنيمة والمغنم، على كل ما يحصل عليه الإنسان من مكاسب وأرباح، من دون تقييده بشيء. وذلك كما في الراغب الأصبهاني حيث يقول "والغنم بالضم فالسكون، إصابته والظفر به، ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم " (٢).