نظرة في الاجتهاد ومبادئه عند علماء الشيعة(١)
الشيخ محمد تقي الفقيه(قدس سره)
تمهيد: في بيان مبادئ الاجتهاد:
الاجتهاد في اللغة والعرف العام شيء، وفي اصطلاح فقهاء الشيعة الجعفرية شيء آخر، ولكن المفهومين يلتقيان حتمًا، ويكون المفهوم اللغوي والعرفي داخلين في المفهوم الفقهي.
اعلم أن بعض العلوم قد تترتب طوليًا، ترتبًا منهجيًا، من حيث توقف معرفة بعضها على معرفة بعضها الآخر، بمعنى أنه لا يجوز الشروع في دراسة المتأخر قبل الانتهاء من دراسة المتقدم، لأنه لا يمكن فهم المتأخر منها فهمًا كاملاً قبل فهم المتقدم، ولأجل ذلك كانت مترتبة.
وبعض العلوم قد لا تكون كذلك، لعدم ارتباط أحدها بالآخر.
ففي النوع الأول من العلوم، لا يجوز الدخول في العلم المتأخر قبل الإحاطة الإجمالية في المتقدم رتبةً، بخلاف الثاني، فإن الطالب مخير بالابتداء بأي واحد منها شاء.
ولا ريب أن علم الفقه الإسلامي متأخر رتبة عن جملة من العلوم العقلية والنقلية، لتوقفه عليها، فمن العبث محاولة معرفته قبل معرفتها.
أما تأخره عن العلوم المتعلقة باللغة العربية فواضح، لأن الكتاب والسنة عربيان، وهما المصدر الأصيل للفقه، وهذا مما لا يشك فيه أحد من الناس، فضلا عن المسلمين، ولا ريب أن معرفة الكتاب والسنة كلاً أو بعضًا، معرفة كاملة متوقفة على الإحاطة بشؤون اللغة العربية.
والعلوم العربية كثيرة، منها النحو والصرف، والمعاني والبيان، والبديع ومعرفة معاني