البُعد التربوي في صوم شهر رمضان
الشيخ أمين ترمس*
إن أحد أهم أسباب التقدّم والرقي لكل أمّة في جميع مراحل التاريخ، هو تطوّر التربية وتفاعلها في الحياة على الصعيدين: الفردي والاجتماعي، فأيّ أمّة تتوفّر لها العناصر الصحيحة للتربية، لا بد أن تبلغ أهدافها على كافة المستويات.
فمن هنا تصبح التربية ضرورةً من ضرورات الحياة السعيدة التي لا مجال لعدم الاهتمام بها أو لإهمالها بشكل عام من قِبل أيّ أمّة إذا ما كانت تطمح لمواكبة التقدّم الحضاري، والمساهمة فيه، والاستمرار في الحياة مع الحفاظ على كيانها وإنجازاتها وتاريخها.
وإذا كان للتربية أنواع متعددة، وأساليب مختلفة، فإن من أسمى تلك الأنواع وأكثرها فائدة وتأثيرًا هي التربية الدينية التي تهدف إلى التهذيب النفسي، والكمال الروحي بالإضافة إلى سلامة الجسم، وصحة البدن.
وهذان الأمران - أي الاهتمام بالروح والبدن - هما من أبرز الأمور التي هدف الصيام إلى تحقّقها، فقد شُرِّع الصيام من قِبل الله تبارك وتعالى لكي يبلغ الإنسان الصائم درجة التقوى (١) التي تؤدي إلى مراتب الكمال الإنساني فيسعد هو ويساهم في إسعاد الآخرين.
وبناء على ما تقدم يمكن أن نتلمّس جملة أمور وردت في كلمات النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) تهدف إلى هذا البعد التربوي في الصيام:
١ - بناء الإرادة والصبر:
غير خافٍ على أحدٍ ما للإرادة من أهمية في حياة الإنسان، لأن الذي يملك الإرادة هو الذي يستطيع أن يضع حدًّا لشهواته وغرائزه وميوله وأهوائه، ويقول لها "لا" متى ما كانت المصلحة تقتضي ذلك، ويقول "نعم" كذلك، فهو من خلال الإرادة القوية يكبح جماح شهوته، ولا يستجيب لغرائزه، ويتحرّر من أهوائه، فلا يصغي إليها حتى في طعام أو شراب أو استمتاع أو غير ذلك من