الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. ( نهج البلاغة ٤: ٤٠)        لن لمن غالظك فإنّه يوشك أن يلين لك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)        إسع في كدحك ولا تكن خازناً لغيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      إن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      
البحوث > القرآنية > التفكير في التصور القرآني الصفحة

التفكير في التصور القرآني
الشيخ مرتضى مطهري

التفكير في الاسلام
من اسس التعاليم القرآنية الدعوة للتفكير والتدبر، التفكير في مخلوقات الله للتوصل لأسرار الوجود، التفكير في احوال واعمال الانسان، نفسه، لأجل ان يمارس وظائفه بصورة افضل، التفكير في التاريخ، والأجيال السابقة، لأجل التعرف على السنن والقوانين التي وضعها الله تعالى لحياة البشرية.
والتفكير السطحي والعشوائي عملية متيسرة لكل واحد، ولكن لاينتج أي ثمرة، واما التفكير الذي يعتمد على الدراسات العميقة، والتجارب، والمحاسبات الدقيقة، ولا اقل من الدراسة الدقيقة لأفكار ارباب الفكر ومنجزاتهم فهي امر في غاية الصعوبة والتعقيد، ولكن معطياتها ثرة غزيرة، وتعتبر رصيداً كبيراً للروح البشرية.
والاسلام قد اعتبر التوحيد، القاعدة الرئيسية له، والتوحيد اسمى واعظم فكرة عرفها الذهن البشري، وهي تعتمد على تفكير دقيق وعميق، وقد رفض الاسلام التقليد والتبعية في اصول الدين، وبالخصوص في اصل الاصول وهو التوحيد، ودعا الى التفكير والتحقيق في ذلك، اذن فلابد لمثل هذا الدين، ان يوجه اهتمامه كثيراً للتفكير والتدبر، والتحقيق والبحث، ويخص بهذه المسألة الكثير من الآيات الشريفة، وبالفعل فقد التزم بذلك.
والقرآن الكريم، لم يدع مسألة التفكير، مبهمة، مطلقة غائمة، فلم يقل بصورة مجملة، فكروا في أي موضوع شئتم، ففي آية (١٥٩) من سورة البقرة يحدد الموضوعات التي يلزم التحقيق والبحث حولها، ويحفز الناس الى التفكير فيها (ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار). فكروا حول السماء والارض، ودوران الفلك، ومسيرة الليل والنهار، ابحثوا عن القوانين الحاكمة في الاجرام والكواكب، تعرفوا على الارض، وطبقاتها وآثارها، والعوامل التي تؤدي الى تغيير وضع الارض بالنسبة للشمس، بصورة شاملة، خلال (٢٤) ساعة، حيث تكون سبباً لحدوث الليل والنهار، ابحثوا حول هذه الحوادث بعمق، ادرسوا علم الفلك، والعلوم التي تبحث حول الارض ومكوناتها (والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس) وهذه السفن التي تجري في البحر، وتطوي المسافات، وتخوض الامواج المتلاطمة، وتثري علم الانسان وتجاربه، تزودوا من هذه النعم الغنية، البحر، والسفن التي تجري فيه دون ان تغرق، والفوائد التي يتوصل اليها الانسان من خلال الابحار، كل ذلك تم وفق محاسبات وقوانين معينة، لايتوصل الانسان اليها الا من خلال التفكير والدراسة العميقة حولها.