رب ساعٍ فيما يضرّه. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      أكرم الحسب حسن الخلق. ( نهج البلاغة ٤: ١١)        ربما كان الدواء داءّ والداء دواء. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)        خض الغمرات للحق حيث كان. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)        خذ على عدوك بالفضل فإنّه أحلى الظفرين. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)      
البحوث > القرآنية > شريعة إبراهيم عليه السلام في القرآن المجيد الصفحة

شريعة إبراهيم ـ عليه السلام ـ في القرآن المجيد
عبد الله جوادي آملي
(يَا أَهْلَ ?لْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ ?لتَّوْرَاةُ وَ?لإنْجِيلُ إلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ *هَا أَنْتُمْ هَؤُلاَءِ حَاجَجْتُمْ فِي مَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِي مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ ?لْمُشْرِكِينَ * إنَّ أَوْلَى ?لنَّاسِ بِإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ?تَّبَعُوهُ وَهَذَا ?لنَّبِيُّ وَ?لَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ ?لْمُؤْمِنِينَ)(١).
بحث تفسيري
تتلخّص المباحث التفسيريّة للآيات الآنفة الذكر، التي تستنطق سيرة النبيّ إبراهيم ـ عليه السلام ـ بعدّة محاور:
١ ـ احتجاج ومناظرة أهل الكتاب.
٢ ـ عدم وجود الارتباط بين إبراهيم ـ عليه السلام ـ واليهود والنصارى.
٣ ـ أصل وأساس دين إبراهيم الخليل سلام الله عليه.
٤ ـ استدلال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ بالآية فيما يتعلّق بمسألة الخلافة.
احتجاج أهل الكتاب
بما أنّ النبيَّ إبراهيم ـ عليه السلام ـ يُذكر بكلّ عظمةٍ في الكتب السماويّة، وبين اتّباع الأديان الالهيّة كذلك، فإنّ كلاّ من اليهود والنصارى عدّوه ـ عليه السلام ـ منهم، ووصفوه بأنّه مسيحيّ أو يهوديّ، وذهبوا في ذلك إلى مرحلة المحاججة والمناظرة.
محور الاحتجاج
المستفاد من ظاهر الآية: أنّهم كانوا يحاجّون على أمرٍ غير معقول! فهل ذلك كان بسبب ما تقوله اليهود: إنّ النبيّ إبراهيم ـ عليه السلام ـ كان يعمل بشريعة موسى، أم لما تقوله المسيحيّة من أنّه ـ عليه السلام ـ كان يعمل طبقاً لدين عيسى؟!
من المستبعد أنْ يحصل مثل هذا الاحتجاج؛ لأنّه من الواضح جداً أنّه ـ عليه السلام ـ سبق موسى وعيسى، وعاش قبل هذين النبيّين ـ عليهما السلام ـ بعدة قرون، إذن كيف يمكن أنْ يتّبع ديناً لم يأتِ بعد؟!
قبل البدء بالبحث حول محور احتجاج أهل الكتاب يجب أنْ نعلم أنّ احتجاجهم كان حول دين النبيّ إبراهيم ـ عليه السلام ـ وشريعته الخاصّة، ولم يكن حول أصل نبوّته أو رسالته أو جهاده، ويجب أنْ نعلم أيضاً أنّهم عندما كانوا يقولون فكان إبراهيم يدين بديننا. كان مرادهم أنّ ديننا استمرارٌ لطريق إبراهيم ونحن ورثته عليه السلام؛ لأنّه ـ كما بيّنا ذلك آنفاً ـ ليس من المعقول أنْ يقول

(١) آل عمران: ٦٥ ـ ٦٨.