في الردّ على شبهة المستشرقين أنّ في القرآن تناقضاً
الشيخ فؤاد كاظم المقدادي
إنّ أبرز الموضوعات التي تناولها المستشرقون هي موضوعات الدين الاسلامي الذي حل محل النصرانية في أغلب بلدان الشرق، ووقف في طريق امتدادها وامتداد أنظمة دولها في تلك البلدان، بل انه ظل على مدى التاريخ المقارع والمنافس الرئيسي لها بين الشعوب، واستطاع أن يدخل عقر دارها في اوربا.
وبهذا الصدد قال أحدهم وهو المستشرق الالماني (بيكر) (... ان هناك عداءً في النصرانية للاسلام بسبب أن الاسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سداً منيعاً في وجه انتشار النصرانية، ثم امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها). ويقول آخر وهو (لورانس براون): (إن الخطر الحقيقي كامن في نظامه ]الاسلام[ وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته. انه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الاوربي)(١). ولا شك في أن أول أساس يقوم عليه الاسلام والثقل الأكبر فيه وفي ارتباط المسلمين به، عقيدةً وديناً، هو القرآن الكريم ، باعتباره كلام الله ووحيه لرسوله محمد صلى الله عليه وآله، وبمرور سريع على كتابات أغلب المستشرقين تتأكد دعوانا هذه، فنجد أن أكثر ما تناولوه بالدس والتشويه، وركّزوا شبهاتهم عليه في كتاباتهم هو القرآن الكريم.
منها، مجموعة من الاثارات تضمنت دساً وتشويهاً يهدف إلى اثارة شبهة أنَّ في القرآن تناقضاً وفي بعض آياته تردداً. ومن أمثلتها:
ما جاء في دائرة المعارف الاسلامية تحت مادة (ابراهيم)، يقول (فنسنك) (كان سبرنجر ـ Leben: Sprenper und Lehredes Mohammad ج ٣ ص ٢٧٦ ومابعدها ـ أوّل من لاحظ أن شخصية ابراهيم كما في القرآن مرّت بأطوار قبل أن تصبح في نهاية الأمر موسِّسةً للكعبة) .
وجاء (سنوك هجروينيه) (ص ٢٠ وما بعدها) بعد ذلك بزمن فتوسّع في بسط هذه الدعوى، فقال: إن ابراهيم في أقدم ما نزل من الوحي (الذاريات ـ آية ٢٤ وما بعدها، الحجر ـ آية ٥ وما بعدها، الصافات ـ آية ٨١ وما بعدها، الأنعام ـ آية ٧٤ وما بعدها، هود ـ آية ٧٢ ومابعدها، مريم ـ آية ٤٢ وما بعدها، الأنبياء ـ آية ٥٢ وما بعدها، العنكبوت ـ آية ١٥ ومابعدها) وهو رسول من الله أنذر قومه كما تنذر الرسل، ولم تُذكر لاسماعيل صلة به.