الفهم المتجدد لآيات الكتاب المجيد في ضوء منهج التفسير البنائي
حوار مع: د. محمود البستاني(١)
يعتمد كل مفسر منهجاً محدداً من خلاله يتعاطى مع نصوص القرآن الكريم، باعتباركم مفسراً ماهو منهجكم في قراءة آيات الذكر الحكيم؟ وهل المنهج من ابداعكم وكيف توصلتم اليه؟
المنهج او النمط الذي اخترته في دراسة النص القرآني الكريم يتنوع تبعاً لما تفرضه اللغة (الجمالية) من التناول المقطعي او الكلي للنص. ويمكن الذهاب الى ان الدراسات القرآنية الكريمة تنشطر الى نمطين، احدهما يتناول (لغته) الجمالية، والآخر لغته العلمية.
واصطلاح (التفسير) ينسحب عادة على اللغة العلمية او مادتها، وهو اثر من الممكن ان نتحفظ حياله اذا اردنا التدقيق في المفردة المشار اليها اي: (التفسير) وما يقترن به من الاستخدام المتميز عنه وهو (التأويل حيث تصطنع المصادر اللغوية فارقاً بين (التفسير) الذي يعني: الكشف عن الدلالة الظاهرة (الظهور اللفظي) وبين (التأويل) الذي يعني: الكشف عن الدلالة الباطنية للنص.
ومن البيّن ان الدراسات الجمالية للنص القرآني الكريم لا تختلف عن الدراسات العلمية في تناولها لكل من التفسير والتأويل، كل ما في الامر ان الدراسة الادبية تتحدث عن كيفية التعبير عن دلالة النص، اما الدراسة العلمية فتتناول الدلالة ذاتها...
وما يعنينا من هذه الاشارة هو: ان احد انماط الدراسة الجمالية هو دراسة النص المستقل (اي: السورة القرآنية الكريمة) من حيث بناؤها الهندسي، اي دراسة موضوعاتها ولغتها من حيث صلة جزئياتها: بعضها مع الآخر.
وبتعبير بديل: دراسة عمارة السورة القرآنية الكريمة من حيث صلة آياتها جميعاً بعضها مع الآخر، ومن حيث صلة موضوعاتها: بعضها مع الآخر، ومن حيث صلة اولئك جميعاً بالعناصر الاخرى: كالصورة والايقاع والحوار والقصة... الخ ،... وهذا النمط من التناول يختلف عن سواه بكونه يتوفر على دراسة البُعدين: الجمالي والدلالي (العلمي)، فتكون دراسته اكثر سعة من الدراسات القرآنية الاخرى.
وقد اسميت هذا النمط من الدراسة بـ (التفسير البنائي) بصفة انها تتناول (بناء) السورة القرآنية الكريمة من حيث كونها هيكلاً عضوياً يتماثل في وظيفته مع العمارة الخاضعة لهندسة خاصة او الجهاز الجسمي في تواشج أعضائه: بعضها مع الآخر..