الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. ( نهج البلاغة ٤: ٤٠)      الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)      رب كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة. ( نهج البلاغة ٤: ٩١)      من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه. ( نهج البلاغة ٤: ٦)      أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. ( نهج البلاغة ٤: ٤٩)      
البحوث > القرآنية > مدخل الى منهجية القرآن المعرفية الصفحة

مدخل الى منهجية القرآن المعرفية
محمد ابو القاسم حاج حمد(١)

ما هي الضرورة الفكريه والتاريخية لأسلمة المعرفة؟

وماذا نعني بمفهوم الأسلمة معرفياً ومنهجياً؟
أسلمة المعرفة تعني فك الارتباط بين الانجاز العلمي الحضاري البشري والاحالات الفلسفية الوضعية بأشكالها المختلفة، واعادة توظيف هذه العلوم ضمن ناظم منهجي ومعرفي ديني ـ غير وضعي. فهنا استيعاب وتجاوز يؤدي لمفهوم مختلف، فأسلمة المعرفة تعني أسلمة العلم التطبيقي والقواعد العلمية أيضاً وذلك بفهم التماثل بين قوانين العلوم الطبيعية وقوانين الوجود المركبة على اساسها القيم الدينية نفسها. وبذلك تتم أسلمة الاحالات الفلسفية للنظريات العلمية بحيث تنفي عنها البعد الوضعي وتعيد صياغتها ضمن بعدها الكوني الذي يتضمن الغائية الالهية في الوجود والحركة. وهذا تأطير معرفي ومنهجي لا تتطلبه ضرورات الايمان لدى المسلم فقط ولكن لكل المؤمنين بالله في العالم، فليس الامر مجرد خلاف حول مباحث علمية معينة بوجه مقولات علم الاجتماع أو الاناسة أو التطورية المادية مثلاً، فالاسلمة تخوض معركتها في عمق المضمون الحضاري الذي تأوّل هذه الأسس العلمية تأويلاً وضعانياً ومادياً فأضفي عليها قصوراً مناقضاً لاصولها التكوينية، فلابد من اعادة فهم مدلولات القوانين الطبيعية نفسها.
ان الاسلمة ليست مجرد (اضافة) عبارات دينية الى مباحث علم النفس والاجتماع
والاناسة وغيره، بأن نستمد آيات قرآنية ملائمة لموضوعات العلم المقصود أسلمته، وحتى الذين فهموا الاسلمة بهذا المعنى انما جعلوا انفسهم هدفاً لسخرية الآخرين فحق عليهم القول بأنهم يحاولون احتواء الحضارة العالمية الزاحفة احتواءً سلبياً من موقع الدفاع العاجز من بعد فشل فكر المقارنات والمقاربات. فالاسلمية ليست اضافة وانما (اعادة صياغة منهجية ومعرفية) للعلوم وقوانينها، فأي محاولة لأسلمة هذه العلوم لا تستند الى ضابط منهجي كلي ومعرفي بذات الوقت لن تؤدي إلاّ الى تشويه الهدف من الاسلمة.
وقد يبدو للبعض ان القول بأسلمة المعرفة هو من قبيل سحب الانتماء الذاتي للدين على كافة الموضوعات بغض النظر عن عموميتها العالمية وذلك لشرعنة الانجازالحضاري البشري ـ أياً كانت مصادره ـ واستلابه دينياً، أي بمنطق الاحتواء اللاهوتي الشكلي واللفظي.

(١) باحث ومثقف اسلامي من السودان، تزخر كتاباته بمعالجات نظرية مبدعة لقضايا الاجتماع الاسلامي والمنهجية المعرفية من منظور قرا ني.