من خصائص التعبير الفنّي والأدبيّ في القرآن الكريم
* فالح الربيعي (العراق)
كلما حاول الأديب أن يحرّر قلمه من التقريرية والمباشرة في الوصف، رفع من قيمة وروعة نتاجه الأدبي.
وقد يعمد القرآن الكريم إلى نفخ الحياة والعقل في الأشياء والجمادات، وهذا النوع من التصوير هو أسمى وأرفع أنواع التصوير الأدبي والفنّي.
وعلى سبيل المثال فلنتأمّل قوله تعالى: )وَلَمّا سَكَتَ عَنْ موسى الغَضَبُ أخَذَ الألْواحَ((١) وما فيه من جمال وفنيّة وروعة في التصوير; فلقد عمد القرآن الكريم إلى استعارة صورة الإنسان لحالة فوران الغضب في النفس، وكأنّ الغضب كائن ينمو في نفس الإنسان في حالة غياب سيطرة العقل ليحرّضه ويدفعه إلى الثورة والانفعال، وكأنّ ـ أيضاً ـ حالة هدوء هذا الغضب تشبه سكون ذلك الكائن وكفّه عن الدفع والتحريض، ونفس هذه الحالة ـ حالة إضفاء الحياة على الجماد ـ نجدها في قوله عزّوجل: )وَلِلّذينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المَصيرُ * إذا اُلْقُوا فيها سَمِعُوا لها شَهيقاً وَهيَ تَفُورُ * تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ((٢).