من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته. ( نهج البلاغة ٣: ٨٥ )      من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظن. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      لا ورع كالوقوف عند الشبهة. ( نهج البلاغة ٤: ٢٧)       إذا تم العقل نقص الكلام. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)        اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلٌّ منه. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      
البحوث > القرآنية > معرفة القرآن الصفحة

معرفة القرآن
الجزء الأول
الاستاذ الشهيد مرتضى مطهرّي
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة المترجم
"أوصي الطلبة الجامعيين الأعزاء، والطبقة المثقفة المتنورة الملتزمة أولا يدعو الدسائس غير الإسلامية تنسيهم مطالعة كتب هذا الأستاذ العزيز" الإمام الخميني كثيرا ما كنت أجد عناء، وأنا بعد شاب يافع، في مطالعة كتب التفسير، وتاريخ الإسلام والسير وفهمهما، بسبب صعوبة اللغة، فكنت أجدني مضطرا إلى أن أتركها جانبا على مضض، بالرغم من شغفي وولعي بالاستزادة من تلك المواضيع. وكان معى جمع من اصحابي لا يقلون عنى ضيقا بضعف ادركنا للغة تلك الكتب التي كانوا يصفونها بالكتب الصفر.
بل لقد خاب ظننا حتى في خطبائنا الذين كان معظمهم يردد ما كان في بطون تلك الكتب الصفر نفسها، دون أن يحاول التجديد فيها، وتقريبها إلى الأذهان، وتبسيط لغتها، لتشويق الناس إلى سماعها.كان الناس قد حفظوا عن الخطباء كل ما في "مقتل أبي مخنف"، ويرددون معهم قصائد رثاء الحسين (ع) بالقريض وبالعامية، ويروون كل رواياتهم وقصصهم، ويتباكون، لا تغيير ولا تبدل.
ثم سمعنا يوما ان أحد مشاهير الخطباء الايرانيين قد قدم إلى النجف الأشرف وانه سوف يخطب في جامع الهندي بضع ليال.
كان ذلك قبل ثلاثين ونيف من السنين، وكان اسم الخطيب، إذا لم تخنى الذاكرة، الشيخ الطبسي (رحمه الله حيا وميتا).
وحضرت مجلسه مع آلاف غيري حتى اكتظ بهم المسجد على سعته.
وما انتهى من خطبته في الليلة الأولى، حتى شعرت أن هذا ما كان ينقصنا، وما نفتقر إليه نحن الشباب الذين كنا نريد أن نبدأ الفهم من البداية وبشيء من التجديد.لقد فسر لنا الشيخ الطبسي بعض الآيات الكريمة من القرآن المجيد، وكان تفسيرا مزيجا من التاريخ، والفلسفة، والمنطق، والحديث، والروايات المنقولة عن الأئمة ـ عليهم السلام ـ وحتى النكتة والنادرة (حدث في ليلة حارة ان فك الشيخ الطبسي حزامه، وراح يمسح به العرق عن رأسه ووجهه، ثم اعتذر عن ذلك بقوله ان حزامه أشبه بعصا موسى، فهو حزام يوما، وعمامة يوما آخر، ومنديل لتجفيف العرق، وسفرة يتناول عليها الطعام احيانا اخرى).