القـران والتـحـريـف
سماحة آية الله العظمى السيد حسين بحر العلوم
أولاً : معاني التحريف:
يطلق التحريف على عدة معاني بنحو الاشتراك اللفظي، بعضها: واقع قي القران الكريم ـ باتفاق المسلمين ـ وبعضها: غير واقع فيه ـ باتفاق المسلمين أيضاً ـ وبعضها: مختلف فيما بينهم في وقوعه فيه، وعدمه.
فمن النوع الاول ـ نقل الشيء عن موضعه، وتحويله الى غيره، ومنه قوله تعالى: (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) الى آخر آية ((٤٦)) من سورة النساء ـ فان هذه الآية واردة في بيان ما تقدمها من الآيات الواردة في أحبار اليهود ـ وعلمائهم ـ وهم المعنيون بقوله تعالى ـ قبل ذلك ـ (الذين أوتوا نصيباً من الكتاب ـ أي التوراة ـ يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل) وذلك بإنكارهم نبّوة محمد (صلى الله عليه وآله) وإسلامه ورسالته.
ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في القران من قبل أهل البدع والضلالات والمذاهب الفاسدة، فانهم قد حرّفوه ـ بتأويلهم بعض آياته ـ حسبما تقتضيه آراؤهم وأهواؤهم، ووقوع مثل ذلك التحريف لا يقدح بقدسية القران الكريم.
وقد ورد تنزيه القران عن ذلك المعنى من التحريف وذمّ فاعليه على ألسنة روايات الائمة من أهل البيت (عليهم السلام).
من ذلك رواية الكافي للكليني، بإسناده عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: أنه كتب في رسالته الى سعد الخير قوله: ((وكان في نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه، وحرفوا حدوده، فهم يروونه، ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ..)) الى آخر الرواية التي ذكرها المحسن الفيض في أخريات كتاب الصلاة من الوافي.
ومن هذا النوع ـ أيضاً ـ : النقص أو الزيادة في بعض الحروف أو الحركات مع حفظ الصورة القرانية، مثل: (أوصى) و(وصّى) ـ بالهمزة أو التضعيف ـ والتحريف بهذا المعنى ـ أيضاً ـ واقع في القران الكريم، من حيث عدم تواتر القراءات، والامر الذي يعطي: ان القران المنزل مطابق لاحدى القراءات، وغيرها إما زيادة أو نقيصة فيه.