الإسلام والآخر;الأسس النظرية في النص القرآني
* حسن السعيد
عندما نريد أن نبحث موضوع «الرأي الآخر» في إطاره القرآني، علينا تناوله في سياقه الموضوعي; التعددية السياسية، وهذه هي ثمرة طبيعية للمفهوم الأم (الحرية) التي هي الوجه الآخر للعبودية لله وحده.(١)
يقول السيد محمد باقر الصدر: «لئن كانت الحرية في الحضارات الغربية تبدأ من التحرر لتنتهي إلى ألوان من العبودية والأغلال.. فإن الحرية الرحيبة في الإسلام على العكس، فإنها تبدأ من العبودية المخلصة لله تعالى، لتنتهي إلى التحرر من كل أشكال العبودية المهينة» : (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله).(٢)
ويعقّب السيد الشهيد: «أرأيت كيف يقيم القرآن التحرر من كل العبوديات على أساس الاقرار بالعبودية المخلصة لله تعالى؟.. أرأيت كيف يجعل من علاقة الإنسان بربّه الأساس المتين الثابت لتحرره في علاقاته مع سائر الناس ومع كل أشياء الكون والطبيعة».(٣)؟
وليس أدل على الأهمية القصوى للحرية، في المنظور الإسلامي، من كونها حقاً مقدساً يأتي في سلّم الأولويات بعد حق الحياة نفسها، إن لم تكن حرية الإنسان مقدسة ـ كحياته سواء ـ وهي الصفة الطبيعية الأولى التي بها يولد الإنسان: «ما من مولود إلاّ ويولد على الفطرة»(٤) وهي مستصحبة ومستمرة. ليس لأحد أن يعتدي عليها: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم اُمهاتهم أحراراً».(٥) لهذا أوجبت الشريعة الإسلامية توفير الضمانات الكافية لحماية الأفراد، ولا يجوز تقييدها أو الحدّ منها إلاّ بسلطان الشريعة، وبالاجراءات التي تقرّها.(٦)