أصلح مثواك ولا تبع آخرتك بدنياك. (نهج البلاغة ٣: ٣٩)      إحذروا نفار النعم، فما كل شارد بمردود. ( نهج البلاغة ٤: ٥٤)     ثمرة التفريط الندامة. ( نهج البلاغة ٤: ٤٣)      لن تقدّس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع. ( الرسول صلى الله عليه وآله وسلم). ( نهج البلاغة ٣: ١٠٢)      إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها أو التسقط فيها عند إمكانها. ( نهج البلاغة ٣: ١٠٩)     
البحوث > القرآنية > الإسلام والآخر , الاسس النظرية في النص القرآني الصفحة

الإسلام والآخر;الأسس النظرية في النص القرآني
* حسن السعيد
عندما نريد أن نبحث موضوع «الرأي الآخر» في إطاره القرآني، علينا تناوله في سياقه الموضوعي; التعددية السياسية، وهذه هي ثمرة طبيعية للمفهوم الأم (الحرية) التي هي الوجه الآخر للعبودية لله وحده.(١)
يقول السيد محمد باقر الصدر: «لئن كانت الحرية في الحضارات الغربية تبدأ من التحرر لتنتهي إلى ألوان من العبودية والأغلال.. فإن الحرية الرحيبة في الإسلام على العكس، فإنها تبدأ من العبودية المخلصة لله تعالى، لتنتهي إلى التحرر من كل أشكال العبودية المهينة» : (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله).(٢)
ويعقّب السيد الشهيد: «أرأيت كيف يقيم القرآن التحرر من كل العبوديات على أساس الاقرار بالعبودية المخلصة لله تعالى؟.. أرأيت كيف يجعل من علاقة الإنسان بربّه الأساس المتين الثابت لتحرره في علاقاته مع سائر الناس ومع كل أشياء الكون والطبيعة».(٣)؟
وليس أدل على الأهمية القصوى للحرية، في المنظور الإسلامي، من كونها حقاً مقدساً يأتي في سلّم الأولويات بعد حق الحياة نفسها، إن لم تكن حرية الإنسان مقدسة ـ كحياته سواء ـ وهي الصفة الطبيعية الأولى التي بها يولد الإنسان: «ما من مولود إلاّ ويولد على الفطرة»(٤) وهي مستصحبة ومستمرة. ليس لأحد أن يعتدي عليها: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم اُمهاتهم أحراراً».(٥) لهذا أوجبت الشريعة الإسلامية توفير الضمانات الكافية لحماية الأفراد، ولا يجوز تقييدها أو الحدّ منها إلاّ بسلطان الشريعة، وبالاجراءات التي تقرّها.(٦)

(١) فهمي هويدي: «التعددية والمعارضة في الإسلام»، مجلة العربي، الكويت، العدد (٤٥٣) ــ مايو ١٩٨٨م، ص: ٣٠.
(٢) سورة آل عمران، الآية ٦٤.
(٣) يُراجع بحثه القيم: «الحرية في القرآن»، المنشور في كتاب «اخترنا لك» دار الزهراء، بيروت، ١٣٩٥ هـ ـ ١٩٧٥م، ص٤٧.
(٤) رواه الشيخان.
(٥) من كلمة وجهها عمر بن الخطاب موبّخاً واليه على مصر عمرو بن العاص، بعدما تناهى إليه أنه يعامل الرعية باستعلاء!
(٦) للوقوف على النص الكامل «للبيان الإسلامي ـ العالمي لحقوق الإنسان». يُراجع العدد (٩) من مجلة «منبر الحوار»، بيروت، ربيع ١٩٨٨م / ١٤٠٨هـ، ص٩٢ وما بعدها.