الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل الغدر وفاء عند الله. ( نهج البلاغة ٤: ٥٧)      كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنّه يتسع. ( نهج البلاغة ٤: ٤٧)      لا يَصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده. ( نهج البلاغة ٤: ٧٤)      هلك خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر. ( نهج البلاغة ٤: ٣٦)      من تذكر بعد السفر استعد. ( نهج البلاغة ٤: ٦٨)      
البحوث > القرآنية > تفسير سورة آل عمران (1) الصفحة

تَفْسْيْرُ القُرآنِ الْكريم سورة آل عمران ١
الاْسْتاذ الشيخ محمود شَلتوُت
هذه السورة هى السورة الثالثة من سور القرآن الكريم فى ترتيب المصحف، وهى معروفة بسورة «آل عمران» ويجدر بنا قبل أن نتناول مقاصدها أن نذكر كلمة عن تسميتها بسورة آل عمران.
جاء ذكر «عمران» فى هذه السورة مرتين فى آيتين متتاليتين: « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ »
فذهب فريق من المفسرين إلى أن عمران الذى سميت السورة بآله والذى ذكر فى الآية الأولى هوعمران أبوموسى وهرون، وليس أبا مريم، وكان بين العمرانين فيما يقول الرواة أمد طويل.
ونحن إذا تتبعنا أسماء السور فى القرآن الكريم نجدها تشير إلى أهم أوأغرب ما اشتملت عليه السورة، فسورة البقرة سميت بهذا الاسم لقصة عجيبة الشأن تتعلق ببقرة, أمر بنوإسرائيل بذبحها، وكان ذلك سبيل لمعرفة الجانى فى حادثة قتل لم يعرف مرتكبها، وسورة المائدة سميت بذلك لقصة المائدة التى طلب الحواريون إنزالها من السماء، وسورة النساء سميت بذلك لأن أهم ما عرضت له هوالأحكام التى أراد الله بها تنظيم أحوال النساء، وحفظ حقوقهن، وعدم الإضرار بهن. وهكذا.
 وإذا عرف هذا وهوأساس عام فى شأن تسمية السور، فلنرجع إلى تسمية السورة الثالثة من القرآن بسورة‌ «آل عمران» ونحن إذا قرأنا السورة من أولها إلى آخرها لا نجد فيها شيئا غريبا أوهاما يتعلق بخصوص موسى وهرون، ولكن أبرز ما فيها وأغرب شئونها، هوما عنيت بتفصيله من شأن عيسى وأمه، وهذا يدعونا إلى موافقة فريق آخر من المفسرين يرى أن عمران الذى سميت السورة بآله، وذكر فى الآية الأولى هو عمران المذكور فى الآية الثانية، وهوأبومريم لا أبوموسى وهرون، فالسورة تذكر طبقات من اصطفاهم من آدم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران لتبين للقوم من أول الأمر أن اصطفاء الله آل عمران من عيسى وأمه، ليس إلا كاصطفائه لغيرهما ممن اصطفي، وأن ماظهر على يد عيسى من خوارق العادات التى يتخذونها دليلا على ألوهيته أوبنوته أوحلول الله فيه؛ لم يكن إلا أثرا من آثار التكريم الذى جرت به سنة الله فيمن يصطفى من الأنبياء و