تفسير القرآن الكريم سورة الأنعام (٤)
الاستاذ الشيخ محمود شلتوت
تلخيص ما سبق – أسلوبان بارزان للسورة: أسلوب التقرير – أسلوب التلقين – سرمجىء السورة على هذين الأسلوبين – تفسير آيات الوصايا العشر – مجىء هذه الوصايا بأسلوب السورة التلقيني كنتائج لمقدمات – هدى جامع في أسلوب بارع – الترفق في الخطاب أولى بالموعظة – أوامر ونواه واضحات وإن تكلف الصناعيون – تحليل علمي للوصايا العشر: الإشراك بالله – الشرك الذي اهتم القرآن وجميع الأنبياء بمحاربته – الشرك بمختلف ألوانه شذوذ في الإنسانية.
تلخيص ما سبق:
عرضنا فيما كتبناه عن سورة الأنعام للموازنة بينها باعتبار ما تضمنته، وبين ما سبقها من السور في الترتيب المصحفي من السور المدنية، ومنها ظهر الفرق بين منهج الوحى المكي، حينما كان المسلمون أفرادا، لاتجمعهم رابطة، ولا تؤلف بينهم هيئة، حينما كانوا يدعون إلى تطهير العقيدة في الله، والرسالة ، واليوم الاخر. ومنهج الوحي المدني حينما صاروا أمة ذات نظام خاص، وتشريع خاص، وحياة لها شعارها الذي يميزها عما سواها.
وكذلك وازنا بين سورة الأنعام، وبين سور أخرى مكية اشتركن معها في الافتتاح بإثبات الحمد لله، واستحقاقه وحده الثناء والتقديس.
وكذلك وازنا بينها وبين سورة الأعراف التي تأتي بعدها في الترتيب المصحفي، ومنها ظهر ان منهجها فاصلة في الدعوة إلى أصول الدين، يخالف منهج سورة الأعراف في تلك الدعوة؛ فهي تعتمد الحجة والتوجيه العقلي إلى النظر في الكائنات: أرضها وسمائها، ونباتها وحيوانها؛ والاعراف تعتمد على ذكر المثلات الماضية والتحذير من عاقبة التكذيب التي أصابت الأمم السابقة.
ثم عرضنا صورة إجمالية للخطوط الأولي ألتى سلكتها في الدعوة إلى القضايا العالمية الكبرى، قضية توحيد الله في الخلق والإيجاد، والتدبير والتصرف، وفي العبادة والتقديس وفي التحليل والتحريم، وقضية الوحي والرسالة، وما أثاره القوم حول رسالة محمد عليه السلام، من الشبه التي كانوا يقصدون بها صد الناس عن الإيمان برسالته، وقضية البعث والجزاء، وهنا عرضنا على سبيل الاستطراد إلى جملة من أساليب القرآن في البرهنة على تلك العقيدة.