تفسير القرآن الكريم سورة الأنعام (٦)
الأستاذ الشيخ محمود شلتوت
الوصية الرابعة: تحريم الفواحش – الفاحشة كل ما فيه فحش بذاته، ومن أجل ذلك حرّم – من القواعد العامة في الشريعة أن كل ما فيه فحش بذاته أو ضرر أكبر من نفعه فهو محرم وإن لم يرد نص بتحريمه.
الوصية الخامسة: تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق- القتل أبشع الجرائم – موقف القرآن من هذه الجريمة المنكرة – ما معنى: (حرم الله)؟ - حرمة النفس الإنسانية حق طبيعي بمقتضي الخلق – الانتحار داخل في هذا الحكم – الكفر بمجرده لا يبيح الدم – ما هو الحق الذي يبيح قتل النفس؟ – أسباب استباحة الدم كما يذكرها القرآن، وكما يذكرها العلماء – مبدآن قاطعان في ذلك: لا تباح النفوس إلا مبيح قاطع في وروده وفي دلالته.
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
الوصية الرابعة:
تكلمنا في هذه الوصايا العشر، عن الوصية الأولى: (أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) وعن الثانية: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وعن الثالثة: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) وننتقل الآن إلى الوصية الرابعة: (وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ).
و الفواحش: جمع فاحشة، والفاحشة: اسم لكل ما عظم قبحه، واستقرت في نظر العقول السليمة والفطر التي لم تدنس، بشاعته. ومن شأنها أن الشرائع الإلهية تنكرها وتمقتها، وتنهى عنها ، وترد الفطر إلى استقباحها، صيانة للأفراد، وحفظا للمجتعات من آثارها السيئة التي تفسد على الإنسان عقله وخلقه، وتودي بحياته الفاضلة، وتصرفه عن طريق الكمال الإنساني الذي كرِّم به في هذه الحياة، وحفظ له مكانته في الخلافة الأرضية وعمارة الدنيا على الوجه الذي يكثر خيره، ويعظم نفعه، ويتسم بسمات الرحمة لعباد