تفسير القرآن الكريم سورة الأنعام (٧)
الأستاذ الشيخ محمود شلتوت
الوصية السادسة: النهي عن قرب مال اليتيم إلا بما ينفعه – سر تعليق النهى (بالقرب) في هذا وأمثاله دون تعليقه بذات الشىء المنهي عنه- عنايةالقرآن باليتيم ومظاهرها – الوصيةالسابعة: إيفاء الكيل والميزان أصل من أصول الرسالات – الوصية الثامنة: العدل في الأقوال والأفعال – مكانةالعدل في نظر القرآن – الوصيةالتاسعة: الوفاءبعهد الله – من الوفاءبعهد الله ترادف المصلحين على خطة الإصلاح – ومنه بيان العلماء شريعةالله دون كتمان لخوف من العامه أوالخاصة – ومن خيانةعهد الله الجمود على النصوص دون نظر إلى قواعد الشريعة – بيان ما في الجمود من تأييد لأعداء الشريعة – الوصيةالعاشرة, اتباع صراط الله المستقيم: الصراط المستقيم هوشريعةالإسلام.
تكلمنا في العددين السابقين، على الوصايا الخمس، التي تضمنتها الآيةالأولى من الآيات الثلاث المشتملةعلى الوصايا العشر، والواردة في أواخر سورةالأنعام: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
الوصيةالسادسة:
وهذه هي الوصية السادسة، وهى الوصيةالأولى من وصايا الآية الثانية: (وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) وهى كما نرى تتعلق بمال اليتيم، ومعناها: النهي عن قربان مال اليتيم بأىحال من حالات القربان والاتصال، غير حال واحدة، وهي الحال التي هي أحسن ما ينفع اليتيم، في الحال والمآل، بالنسبة لنفسه، كتربيته وتعليمه، وبالنسبة لماله، كحفظه واستثماره. وإذن، فكل تصرف مع اليتيم، أوفي ماله، لا يقع في تلك الدائرة (دائرةالأحسن والأنفع) فهومحظور، ومنهي عنه؛ فأكل ماله طمعا فيه، واستضعافا له، محرم ومنهي عنه، وتجميده وعدم استثماره بالزراعة أوالصناعة أوالتجارة، محرم ومنهي عنه. والإسراف به، ولوعليه، فيما لا يكسبه خيرا، محرم ومنهي عنه، وإهماله وعدم صيانته، بتمكين الناس من نهبه والاستيلاء عليه، محرم ومنهي عنه.
وقد تعلق النهي في هذه الوصية بالقربان من مال اليتيم، دون التصرف فيه بما يفسده، وأن كان هذا هوالمراد، نظرا ألى أن المال من الشئون التي تتعلق بها الشهوات، وتميل إليها الأهواء بدوافع نفسية، فاتجه بالنهى إلى هذه الدوافع نفسها، وإلى محاربتها، وإلى