شبهة تحريف القرآن في كتاب الكافي
الشيخ أمين ترمس*
إن كتاب الكافي تأليف ثقة الإسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب الكُلَيْنِيّ (ت/٣٩٠هـ)، يُعتبر أقدم وأشمل وأهمّ جامع حديثي، ومصدر روائي عند الإمامية مما بقي ووصل إلينا من المصادر.
"فقد أمضى (رحمه الله) في تأليفه مدّة عشرين سنة عاكفًا على أصول أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وكتبهم، يجمع بينها، وينتخب منها حتى اجتمع لديه منها الشيء الكثير، فهذّبها في أحسن تهذيب، ورتّبها في أجمل ترتيب، وبوّبها على حسب حاجة المكلَّف إليها، ولأجل ذلك قال عنه شيخ مشايخ الطائفة محمد بن محمد بن النعمان المفيد (رحمه الله): "إنه من أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة"، ووصفه الشهيد الأول (رحمه الله) بأنه: "لم يُعمَل للإمامية مثله""(١).
فلهذا كلّه كان -وما زال- عُرضةً للطعن، وغرضًا للرمي، وهدفًا للمفترين، فشُنّت على المصنِّف والمصنَّف جملة حملات ظالمة، وأُشيع حولهما شبهات باطلة، منها : دعوى تحريف القرآن في روايات الكافي.
وقبل الدخول في البحث لا بدَّ من تعريف التحريف، لغةً واصطلاحًا:
أما في اللغة، فقد جاء بمعنى التغيير والتبديل، فقالوا: "تحريف الكلام تغييره عن مواضعه، والتحريف في القرآن والكلمة تغيير في الحرف عن معناه، والكلمة عن معناها"(٢).
وأما في الاصطلاح: "فقد يطلق لفظ التحريف ويُراد منه عدّة معان على نحو الاشتراك، فبعضها واقع في القرآن باتفاق المسلمين، وبعضها لم يقع باتفاقهم أيضًا، وبعضها اختلفوا فيه.