إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها أو التسقط فيها عند إمكانها. ( نهج البلاغة ٣: ١٠٩)     الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر. ( نهج البلاغة ٤: ٩٤)      من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظن. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      إن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)        ارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      
البحوث > الاصولية > وجوه الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي الصفحة

وجوه الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي
محمد عيسى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد:
فهذه صفحات كتبتها في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، تذكرة لنفسي و فائدة لغيري، وبالله التوفيق.
هل يمكن الجمع بين الحكمين الواقعي والظاهري أو لا؟
مقدمة: نسب لابن قبة دعوى امتناع التعبد بخبر الواحد عقلاً، واستدل على مدّعاه - على ما حكاه عنه الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره - بأنّه:
أولاً: لو جاز التعبد بخبر الواحد في الإخبار عن النبيّ لجاز التعبد به في الإخبار عن الله تعالى، والتالي باطل إجماعاً.
وثانياً: يلزم من التعبد بخبر الواحد تحليل الحرام وتحريم الحلال؛ لأنّه لا يؤمن أن يكون ما أخبر المخبر بحلّيته حراماً، وكذا العكس.
ودليل ابن قبة - والمهم في المقام هو الثاني - لو تمّ لجرى في مطلق الأمارة غير العلمية، بل في مطلق التعبد بغير العلم، مع أنّ أكثر الاُصوليين على وجود جعلين واقعيين متعلقين بأفعال المكلفين، وأحدهما يكون في طول الآخر، أوّلهما الحكم الواقعي والآخر الحكم الظاهري، فلله تعالى في كلّ واقعة حكم يشترك فيه العالم والجاهل تصيبه الأمارات والاُصول تارة وتخطيانه اُخرى.
وقد ادّعي تواتر الإخبار عليه، وقد أجمعت عليه الإمامية بأسرهم، فيلزم من جعل الأمارات والاُصول اجتماع المثلين من تحريمين أو إيجابين ونحوهما عند إصابة الأمارات ومطابقة الاُصول مع الواقع، كما يلزم اجتماع الضدين من إيجاب وتحريم وغيرهما عند خطأ الأمارات ومخالفة الاُصول مع الواقع.
وأمّا على قول المخالفين من عدم وجود حكم لله في كلّ واقعة يشترك فيه العالم والجاهل، وأنّ حكم الله تابع لما أدت إليه الأمارة أو الأصل، فيلزم التصويب.
فترجع الإشكالات التي اُوردت في أسسها إلى امتناع الجمع بين الحكمين؛ وذلك إمّا للزوم التضاد، أو اجتماع المثلين أو التصويب.
وتقريب ذلك أن نقول: إن فرض وجود الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي وكان على وفقه لزم اجتماع المثلين، وإن كان على خلافه لزم اجتماع الضدين، وإن فرض ارتفاع الحكم الواقعي عند قيام الحكم الظاهري لزم القول بالتصويب الذي هو ممتنع على مبنى المخطئة من أهل الحق.