كُمَيل بن زياد
* حسين الشاكري
وُلِدَ كميل بن زياد قبل الهجرة النبويّة بعدّة سنين في اليمن. وكانت عائلته واحدة من أكبر العائلات المعروفة باليمن، قدَّمت هذه القبيلة خدمات جليلة للإِسلام، فمالك الأشتر، وهلال بن نافع، وسوادة بن عام، وغيرهم كلّهم من قبيلة كميل بن زياد.
سكن معظم أفراد هذه القبيلة بعد الإِسلام في الكوفة. يعتبر كميل بن زياد من التابعين، ومن حواري أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولم يسجّل التاريخ بأنّ كميل كانت له فعّاليّات في عهد الخلفاء الثلاثة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولكن ورد بأنّ الحجّاج قتله بتهمة الإِشتراك في قتـل عثمان.
لقد بدأت حياة « كميل » الجهاديّة المشرقة في عهد الإِمام علي (عليه السلام) وقد أُعتبر من كبار أنصاره ومؤيّديه خلال فترة خلافته.
لقد بلغ قرب كميل من الإِمام (عليه السلام) إلى درجة أنّه كان يخرج معه في جوف اللّيل للمناجاة، وبثّه بعض الحِكَم والأسرار.
وعندما استلم الإِمام (عليه السلام) زمام اُمور المسلمين، عزل بعض الولاة والقادة غير المؤهّلين، وعيّن مكانهم من هو أهل لهذه المناصب، وضمن سلسلة التعيينات هذه، عيّن الإِمام (عليه السلام) كميلاً والياً وحاكماً على مدينة « هيت » التي تقع على نهر الفرات في العراق، وطلب منه أن يقف بحزم في وجه أطماع معاوية.
وقد بلغت ثقة الإِمام (عليه السلام) بـ « كميل بن زياد » إلى درجة أنّه كتب إلى كاتب بيت المال «عبيد الله بن أبي رافع» يقول فيه سيصلك عشرة من الثقاة لإِجراء تصفية الحسابات الخاصّة والمتعلّقة ببيت المال، فلمّا استفسر عبيد الله عن أسمائهم، سمّاهم الإِمام (عليه السلام) وكان كميل بن زياد أحدهم، وكان لفترة مسؤولاً عن بيت المال.
كما كان على مستوى رفيع من العلم والمعرفة والفضيلة، مع زهد، وعبادة، وحيطة في كلّ أُموره لا سيّما في عقيدته ودينه، وكان كثير السؤال من الإِمام (عليه السلام) في شتّى الاُمور، وكان الإِمام (عليه السلام) يجيبه عنها ويهتمّ بها لا سيّما بأسئلته العلميّة والفقهيّة ضمن سلسلة من المواعظ والحِكَم، على مسمع من الحاضرين ليستفيدوا منه.