العلامة الحلي في سيرته وتراثه الفكري ومنهجيته العلمية
الشيخ جعفر كوثراني
تمهيد
هناك بعض المفكرين الذين كان لهم دور هام في إثراء الدّراسات الفلسفية والكلامية، ولم تتوفر حولهم دراسات منهجية وافية، تُبرز مناحيهم الفكرية، ومنهم على وجه التّحديد الحسن بن يوسف الحلي، المشتهر بلقب [العلامة]، فهو صاحب مدرسة فكرية لا يزال تأثيرها إلى يومنا، وبخاصة في حقلَيْ التّشريع والكلام. وكثير من مؤلّفاته العلمية المتنوّعة لا يزال مرجعًا هامًا ومصدرًا للثّقافة العربية والإسلامية. وصلة الحلي بالفلسفة والكلام ليست عارضة، بل له رؤيته الخاصّة فضلاً عن إحاطته التامّة بموضوعاتهما.
ويمكن اعتبار ذلك كلّه من جملة الأسباب المّهمة التي تستوجب تسليط الضّوء على شخصّيته من خلال سيرته وتراثه الفكري ومنهجيته في البحث العلمي.
أ - نشأته ودراسته
العلامة الحلي هو أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن مطهّر، ولد في مدينة الحلّة العراقية في شهر رمضان من عام ٧٤٨هـ(١)/١٢٥٠م.
وهو أوّل من لقّب بـ [آية لله](٢) من علماء الإمامية، وعرف بألقاب أخرى، كالفاضل، وجمال الدّين، وشيخ الطائفة، والعلامة(٣)، وهذا أشهر ألقابه، بل هذا اللّقب ينصرف إليه عند الإطلاق(٤).
عاش العلامة الحلّي في أواسط القرن السابع الهجري وعقدين من القرن الثامن الهجري/الثالث عشر الميلادي، في فترة اجتياح المغول أكثر المناطق الإسلامية، وتعتبر تلك الفترة بداية تحوّل في الاتّجاهات الفكرية وبداية تاريخ فكري جديد امتاز بالرّكود والجمود.
وقد كان للغزو المغولي آثار سيّئة على الحضارة العربية والإسلامية(٥)، فقد هدمت