كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)        خذ على عدوك بالفضل فإنّه أحلى الظفرين. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)      إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها أو التسقط فيها عند إمكانها. ( نهج البلاغة ٣: ١٠٩)     صدر العاقل صندوق سره. ( نهج البلاغة ٤: ٣)        خض الغمرات للحق حيث كان. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)      
البحوث > الرجالية > العلامة الحلي الصفحة

العلامة الحلي في سيرته وتراثه الفكري ومنهجيته العلمية
الشيخ جعفر كوثراني
تمهيد
هناك بعض المفكرين الذين كان لهم دور هام في إثراء الدّراسات الفلسفية والكلامية، ولم تتوفر حولهم دراسات منهجية وافية، تُبرز مناحيهم الفكرية، ومنهم على وجه التّحديد الحسن بن يوسف الحلي، المشتهر بلقب [العلامة]، فهو صاحب مدرسة فكرية لا يزال تأثيرها إلى يومنا، وبخاصة في حقلَيْ التّشريع والكلام. وكثير من مؤلّفاته العلمية المتنوّعة لا يزال مرجعًا هامًا ومصدرًا للثّقافة العربية والإسلامية. وصلة الحلي بالفلسفة والكلام ليست عارضة، بل له رؤيته الخاصّة فضلاً عن إحاطته التامّة بموضوعاتهما.
ويمكن اعتبار ذلك كلّه من جملة الأسباب المّهمة التي تستوجب تسليط الضّوء على شخصّيته من خلال سيرته وتراثه الفكري ومنهجيته في البحث العلمي.
أ - نشأته ودراسته
العلامة الحلي هو أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن مطهّر، ولد في مدينة الحلّة العراقية في شهر رمضان من عام ٧٤٨هـ(١)/١٢٥٠م.
وهو أوّل من لقّب بـ [آية لله](٢) من علماء الإمامية، وعرف بألقاب أخرى، كالفاضل، وجمال الدّين، وشيخ الطائفة، والعلامة(٣)، وهذا أشهر ألقابه، بل هذا اللّقب ينصرف إليه عند الإطلاق(٤).
عاش العلامة الحلّي في أواسط القرن السابع الهجري وعقدين من القرن الثامن الهجري/الثالث عشر الميلادي، في فترة اجتياح المغول أكثر المناطق الإسلامية، وتعتبر تلك الفترة بداية تحوّل في الاتّجاهات الفكرية وبداية تاريخ فكري جديد امتاز بالرّكود والجمود.
وقد كان للغزو المغولي آثار سيّئة على الحضارة العربية والإسلامية(٥)، فقد هدمت

(١) الحلي، الحسن بن يوسف: خلاصة الأقوال في معرفة الرّجال (رجال العلامة الحلي)، المطبعة الحيدرية، النّجف، سنة ١٩٦١م، ص٤٥ وص٤٨.
(٢) ويعني هذا اللّقب أنّه مجتهد فقيه يُرجع إليه في الأحكام الدّينية.
(٣) ينظر: أ - الزّركلي، خير الدّين: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، سنة١٩٩٢م، ج٢،ص٢٢٧.
 ب - الأفندي، عبد الله: رياض العلماء، منشورات مكتبة المرعشي، قم، سنة ١٤٠١هـ، ج٢، ص٣٥٩.
 ج - الحلي، الحسن بن علي (المعروف بابن داوود): الرّجال، منشورات المطبعة الحيدرية، النّجف، سنة ١٩٧٢م، ص٧٨.
(٤) رونلدسن، دوايت م: عقيدة الشّيعة (تعريب ع. م)، مؤسسة المفيد، بيروت، سنة ١٩٩٠م، ص٢٩٥.
(٥) نعمة، عبد الله: فلاسفة الشّيعة، دار الكتاب الإسلامي، قم، سنة ١٩٨٧م، ص٢٧٢ - ٢٧٣.