الإمام زين العابدين والدعاء في بُعديَه الإنساني والأدبي
د.محمّد كامل سليمان*
لقد عاش الإمام زين العابدين (عليه السلام) في فترة من أشد الفترات حراجة في التاريخ الإسلامي، وكان عمره سنتين يوم اغتيل جدّه الإمام علي في محرابه(١).
قَتلتمُ الصلاةَ في محرابِها * يا قَاتليهِ وهو َفي مِحْرابهِ
وتوالت بعد ذلك الفتن في أيام عمّه الحسن (عليه السلام)، الذي عمل على جمع شمل المسلمين حين أقدم على صلح معاوية لقاء شروط وعهود لم يفِ معاوية بها(٢)، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين أغرى جعدة بنت الأشعث زوج الحسن على سمّه بعدما أغراها معاوية بالمال ووعدها بالزواج من ابنه يزيد(٣) .
ثم كانت إمامة الحسين بعد أخيه الحسن (عليهما السلام)، ومعركة كربلاء التي كانت حربًا بين الإسلام والجاهلية، أو بين الحق والباطل، أو هي صراع بين النبوّة أو الإمامة والملك الدنيوي(٤)، أو بين الأريحية والنفعية(٥).
هذه المعركة صُرِع فيها الحسين (عليه السلام) كما هو معروف، وقتل كل أنصاره، إخوته وأبناؤه، حتى رضيعه ذُبح في حجر أبيه من الأُذن إلى الأذن، وهو يطلب له شربة من ماء(٦):
طفلٌ على حِجر الإمام مُلثَّمٌ * بِنَجيعِه القَاني فَيَا للرائي
من وردةٍ حَمراءَ صَوّحَها الظَّما * فَذَوت َتحِنّ لِقَطْرةِ مَاء(٧)