القيادة في الإسلام
الشهيد الشيخ مرتضى المطهري
ترجمة: هاشم محمد
قال تعالى: (وَإذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأتَمَّهُنَّ قَالَ إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(١).
الرشد في المصطلح الإسلامي
لاجل التعرّف على الإدارة والقيادة في الإسلام يلزم علينا في البداية أن نتعرف على مفهومين من المصطلحات الإسلامية.
الأوّل: الرشد، وهو اِصطلاح تذكره الكتب الفقهية بالخصوص، وقد استُمِدَّ من القرآن الكريم.
والثاني: وهو الأهمّ مفهوم (الإمامة).
(الرشد) كلمة اقتُبِست من القرآن الكريم، واستعملها في الأطفال الذين يمتلكون ثروة، ولكن لا وليَّ لهم.
فذكر بأنّه لابدّ من جعل القيّم عليهم إلى سنّ البلوغ، لادارة شؤونهم وثروتهم، فلا تبقى هذه الثروة تحت تصرفهم، فالبلوغ شرط، ولكنه لا يكفي لوحده؛ بل لابدّ من الرشد أيضاً.
يقول القرآن الكريم: (حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أمْوَالَهُمْ)(٢); أي أنّ البلوغ الجنسي لا يكفي لوحده؛ بل لابدّ من الوصول لرشدهم، كشرط لايداع الثروة في أيديهم.
ومن المسلّمات الفقهية: أنه لا يكفي في الزواج البلوغ والعقل فحسب ، بالنسبة للولد والبنت كليهما; بل لابد، بالإضافة إليهما، أن يتّصف الولد أو البنت بميزة (الرشد).
والعقل غير الرشد; فالإنسان إما أن يكون عاقلاً أو مجنوناً؛ والعاقل إمّا أن يكون رشيداً أو غير رشيداً؛ فالعاقل البالغ قد يكون رشيداً وقد لا يكون رشيداً.
والملاحظ أن الذي يُفهم اليوم من المفهوم الرشيد، في أذهان البعض، هو الرشاقة، فإذا كان الإنسان رشيقاً، حسن المظهر يقال له (رشيد)، وهذا المفهوم غريب عن المصطلح الإسلامي الأصيل، دخل في الأذهان نتيجة الفهم السيّىء للمفاهيم الإسلامية.
تعريف الرشد
إن أردنا تعريف الرشد تعريفاً شاملاً لجميع أنواعه، وفي مختلف المجالات، فلابدّ أن نقول بأنّه: عبارة عن نوع من الكمال الروحي والمعنوي، بمعنى أن تكون للإنسان قدرة الإدارة والمحافظة على إمكاناته وطاقاته الماديّة والمعنوية، وحسن الانتفاع بها.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١) البقرة: ١٢٤.
(٢) النساء: ٦.