العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى. ( نهج البلاغة ٤: ٨٠ )      بكثرة الصمت تكون الهيبة. ( نهج البلاغة ٤: ٥٠)        رب ساعٍ فيما يضرّه. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)        الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك، فإن أنت لم تأتِه أتاك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)      الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر. ( نهج البلاغة ٤: ٩٤)      
البحوث > المتفرقة > البعثة النبوية الشريفة في دورها الأول الصفحة

البعثة النبوية الشريفة في دورها الأوّل
السيد منذر الحكيم
إرهاصات الوحي والنبوّة
قال اللّه الحكيم في محكم كتابه المجيد: (عالمُ الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً * إلاّ من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شي عدداً)(١).
وروى ابن أبي الحديد المعتزلي عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ في تفسير هذا النص القرآني قوله ـ عليه السلام ـ: ((يوكلّ اللّه تعالى بأنبيائه ملائكةً يُحصون أعمالهم، ويؤدون اليهم تبليغهم الرسالة، وكّل بمحمد ـ صلى الله عليه وآله ـ ملكاً عظيماً منذُ فُصل عن الرضاع، يرشده الى الخيرات ومكارم الأخلاق، ويصدّه عن الشّر ومساوئ الأخلاق، وهو الذي كان يناديه: السلام عليك يا محمّد يا رسول اللّه، وهو شاب لم يبلغ درجة الرسالة بعدُ، فيظن أنّ ذلك من الحجر والأرض، فيتأمّل فلا يرى شيئاً))(٢).
ورُوي عن عامر الشعبي أنّ اللّه قرن جبرئيل بنبوّة نبيّه ثلاث سنين، يسمع حسّه ولا يرى شخصه، ويعلّمه الشي بعد الشي، ولا ينزل عليه القرآن، فكان في هذه المدّة مبشَّراً غير مبعوث الى الأمّة(٣).
ورواه الطبري عنه قائلاً: (اُنزلت عليه النبوّة وهو ابن اربعين سنة، فقرن بنبوّته إسرافيل ثلاث سنين... ولم ينزل القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوّته حبرئيل ـ عليه السلام ـ فنزل القرآن على لسانه عشر سنين بمكّة، وعشر سنين بالمدينة)(٤).
وجاء عن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي أنّ النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لمّا أتى له سبع وثلاثون سنة، كان يرى في نومه كأنّ آتياً أُتاه فيقول: ((يا رسول اللّه)). فينكر ذلك، فلّما طال عليه الأمر كان يوماً بين الجبال يرعى غنماً لأبي طالب، فنظر الى شخص يقول: ((يا رسول اللّه)). فقال له: ((من أنت ؟)) قال: ((أنا جبرئيل أرسلني اللّه اليك ليتخذك رسولاً)). فأخبر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ خديجة بذلك، فقالت: يا محمّد، أرجو أن يكون كذلك. فنزل عليه جبرئيل وأنزل عليه من السماء، وعلّمه الوضوء والركوع والسجود، فلّما لمّ له أربعون سنة، علّمه حدود الصلاة، ولم ينزل عليه أوقاتها، فكان يصلي ركعتين ركعتين في كل وقت)(٥).

(١) الجن: ٢٦ ـ ٢٨.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٣: ٢٠٧.
(٣) المناقب ١: ٤٣.
(٤) الطبري ٢: ٣٨٧.
(٥) المناقب ١: ٤٤ عن القمي. وروى الراوندي في قصص الانبياء: ٣١٨.