الضرائب في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الشهيد السيّد محمّد حسين البهشتي
في الإسلام ـ كما تعلمون ـ عبادات ماليّة، فكما أنّ المسلم يصلّي للّه أو يصوم له ويعبده، فإنّه أيضاً يدفع الزكاة من أجل اللّه، فيعبده عن طريق دفع الزكاة وإنفاق الأموال في سبيله، فالذي ينفق ماله في سبيل اللّه يعتبر مجاهداً كالذي يبذل نفسه في سبيله، (?لْمُجَاهِدُينَ فِي سَبِيلِ ?للّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ)(١).
وحين تؤمّن نفقات الجهاد والحرب مع العدو فإنّ دفع هذه النفقات مشاركة في الجهاد هو من العبادات أيضاً.
وهناك تصنيف فقهيّ بهذا الشأن يخصّص فصلاً للعبادات الماليّة إضافة إلى العبادات الجسديّة، والخمس والزكاة شكلان من أشكال الإنفاق المحدّد، يجب دفعهما من قِبل كّل مسلم تتوفّر فيه الشروط اللازمة بشأنهما، وقد نُصَّ على الزكاة في تسع حالات(٢)، وفُرض الخمس في حالات منصوص عليها وفي حالات اُخرى أيضاً، وتتّسع دائرة الخمس لتشمل حالات اُخرى غير الحالات المحدّدة التي منها الغنائم الحربيّة، كالصيد، والمعادن، والكنوز، والأراضي التي اشتراها الكافر الذمّي، وأمثال ذلك، ويتّسع مجال الخمس ليشمل الدخل السنوي، أي فيما يزيد على مصاريفه خلال السنة، وهي حالة تشمل الجميع، وكذلك الحال في المال المختلط بالحرام وهي حالة واسعة أيضاً.
تلك هي الضرائب الإسلاميّة المقدّرة أي الضرائب التي حدّدت حالاتها ومقاديرها، فمقدار الزكاة يتراوح في جميع الحالات بين (٥ / ٢ %) إلى (١٠ %) ويبلغ مقدار الخمس (٢٠ %).
وهناك ضريبة اُخرى هي الخراج التي تعني في أصلها الضريبة، فما هي الحالات التي يفرض فيها الخراج ؟ هل أنّ الخراج مجرّد ضريبة تتعلّق بالأراضي الخراجية؟(٣) وهناك ضريبة اُخرى هي الجزية(٤)، وهنا يطرح سؤال يقول: هل أنّ ما يدّعى بالضرائب الإسلاميّة ينحصر في هذه الأنواع التي ذكرت هنا؟ وهل تنحصر بها الإنفاقات الواجبة على كلّ مسلم، أو غير المسلم ممّن يعيش ضمن المجتمع الإسلامي؟
يرى كثير من الفقهاء أنّ الضرائب الإسلامية هي تلك الضرائب المنصوص عليها في الكتاب والسنّة، ولو دفعها في نظام اجتماعي معيّن كلّ الذين وجبت عليهم، فإنّ ذلك يكفي ولن تبقى بعدئذٍ أيّة منطقة فراغ، أي أنّه لو دفع كلّ الذين يحصلون على دخول تزيد على مصاريفهم، والذين