إياك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها وحب الإطراء. ( نهج البلاغة ٣: ١٠٨)       ليس كل طالب بمرزوق ولا كل مجمل بمحروم. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      ليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم. ( نهج البلاغة ٣: ٨٥)        ربّ يسير أنمى من كثيرٍ. ( نهج البلاغة ٣: ٥٣)      كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      
البحوث > المتفرقة > التوحيد والتكامل الصفحة

التوحيد والتكامل
الشيخ مرتضى المطهري
يجدر البحث حول موضوع (التوحيد والتكامل) بعد دراستي لموضوع أصالة الروح، والقرآن والحياة، فإن هذه الدراسة مكملة لهما.
ولأجل أن يتعرف القارىء على الهدف من هذه المقالة يلزم عليه أن يكون ملماً بالمسائل التي ذكرت في المقالتين السابقتين، ولذلك نلقي هنا نظرة موجزة عليهما:
أكدنا في مقالة (أصالة الروح) على أن الحياة حقيقة ترتبط بالمادة، في ظل شروط معينة، ولكن لا نعني بذلك الثنائية بين المادة والحياة، وان هناك حقيقتين تلتحمان وتترافقان، بل الواقع أن المادة والحياة درجتان من وجود واحد، وكل درجة لها خواصها. فإن المادة في ظل شروط معينة من مراحل تطورها وتكاملها تتحول إلى الحياة، كما في تحول كل ناقص إلى أكمل منه، فإن الوجود الناقص يتبدل إلى وجود كامل حي، والحياة ليست مخلوقة ومعلولة وأثراً للمادة غير الحية، بل إنها كمال وفعلية تضاف إليها، إن المادة في ذاتها فاقدة للحياة، فكيف تعطيها وتظهرها؟ إن الاستعداد والخاصة التي تملكها المادة بالنسبة للمادة، هي خاصة القبول، حيث تحصل فيها الحياة في ظل شروط معينة، وليست خاصة الايجاد والإعطاء.
وبعبارة أخرى: لا يمكن للمادة ايجاد الحياة وإعطاءها، وهذا النظام الذي نشاهده في الكائنات الحية، فإن كل ما يتعلق منه بالمادة، هو نظام القبول، وكل ما يتعلق بأفق أعلى، فهو نظام الخالق والايجاد والتكوين.
وقد ذكرنا، أن العلم أخذ يثبت هذه الحقيقة، بأن الحياة تحدث تغييرات في المادة، وتتصرف فيها. وتتحكم بها، وتخضعها لمقرراتها وقوانينها، وإذا كانت الحياة أثراً ومخلوقاً لها قوانين أسمى وحاكمة على قوانين المادة، وذكرنا، بأن علماء النفس والأحياء، وإن لم يستهدفوا من خلال بحوثهم وتجاربهم، البحث حول اصالة الحياة، ولكنهم توصلوا بصورة لا اختيارية إلى نتائج تثبت من خلالها اصالة الحياة، وحتى نظرية (تطور الأنواع)، التي يعتقد الكثير بأنها مادية، أثبتت اصالة الحياة بصورة أكثر وضوحاً وعمقاً.
وفي المقالة الثانية (القرآن والحياة)، درسنا طبيعة العلاقة بين الحياة وما وراء الطبيعة، وإرادة الله وذكرنا المنطق القرآني في هذا المجال، وقد أكدنا في تلك المقالة على نقطتين:
الاولى: أنه قد يشاع في الأذهان تصور يهودي خاطئ حول طبيعة الخلق ومعناه، حيث يربط عملية الخلق دائماً بـ (الآن)، فحين يتصور خلق العالم أو الحياة، فإن هذه التصور الخاطئ سوف يسبق لأذهانهم، وأنه في أي (أن)، خرج من ظلمة العدم إلى نور الوجود، وفي أي زمان بدأ خلقه؟
وقلنا هناك، أن موضوع (الآن) ليس له أي دور في المنطق القرآني.