أهل البيت ـ عليهم السلام ـ على لسان الحسن بن
علي عليهما السلام
ناصر الباقري
كان الحسن بن علي بن ابي طالب ـ عليهم السلام ـ ثاني الأئمة بعد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، وخامس أهل الكساء، وابن محمد المصطفى، وابن عليّ المرتضى، وابن فاطمة الزهراء.
يقول ابن أسعد اليافعي في مرآة الجنان: ( ومناقبه (أي الحسن بن علي) بالأنساب، والاكتساب، والقرابة، والنجابة، والمحاسن، في الظاهر والباطن معروفة مشهورة، وفي تعدادها غير محصورة، وكان مع نهاية الشرف والارتفاع في غاية التلطف والاتضاع ).
وقال ابو نعيم: ( دخل اصبهان غازياً مجتازاً إلى غزاة جرجان، ومعه عبد الله بن الزبير... ).
واخرج ابن عبد البرّ في الاستيعاب، وابن الاثير في تاريخه الكامل: كان الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ حليماً كافياً، ورعاً فاضلاً، دعاه ورعه وفضله إلى أن يترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله، وكان يقول: ((والله ما أحببت منذ علمت ما ينفعني وما يضرني أن آلي أمر أُمة محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ على أن يهراق في ذلك محجمة(١) دم)).
إنّه كان من أندى الناس كفاً، وأوصلهم لعباد الله، واعظمهم على الفقراء والمحرومين، وكان حليماً عاقلاً، زاهداً ورعاً تقياً، محبا للخير، ذا سكينة ووقار، فصيح القول، بليغ العبارة، حسن المنطق، حاضر البديهة، قوي الارادة، جم المناقب، كثير الفضائل، حج بيت الله الحرام ماشياً خمساً وعشرين سنة والنجائب لتقاد بين يديه(٢)، وخرج من ماله مرّتين، وقاسم الله تعالى ماله مرتين، وروي ثلاث مرات، حتى إنه كان يعطي من ماله نعلاً أو يمسك نعلاً، ويعطي خفا ويمسك خفا. وكان الحسن ـ عليه السلام ـ احد سيدي شباب أهل الجنة، ووصيّ والده على اسرته وأصحابه، وصّاه بالنظر في وقوفه وصدقاته، وكتب إليه عهداً مشهوراً ووصية ظاهرة في معالم الدين وعيون الحكمة والآداب. وقد نقل هذه الوصية جمهور العلماء واستبصر بها في دينه ودنياه كثير من الفقهاء. ولما استشهد ابوه ولي الخلافة بوصيته إليه.
روى الحديث عن جده المصطفى وابيه علي المرتضى وخاله هند بن أبي هالة.
إن سيرة الامام الحسن ـ عليه السلام ـ من أولها إلى آخرها تحكي لنا سلوك رسول الله وفكره وعصمته وهديه وشجاعته ومنطقه، جمعها كلها سلام الله عليه.
بعض ما ورد بحقّه من جدّه صلّى الله عليه وآله
روي في صحيحي البخاري ومسلم مرفوعاً إلى البراء بن عازب قال: (رأيت رسول الله ـ صلّى ______________________________________
(١) المحجمة: القارورة التي يجمع فيها دم الحجامة.
(٢) مستدرك الصحيحين٣: ١٧٨. سنن البيهقي٤:٣٣١. حلية الاولياء٢:٤٧. ذخائر العقبى: ١٣٧.