الجئ نفسك في الأمور كلّها إلى الهك فإنّك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)      أكبر العيب ما تعيب ما فيك مثله. ( نهج البلاغة ٤: ٨٢ )        اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلٌّ منه. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      قدر الرجل على قدر همته. ( نهج البلاغة ٤: ١٣)      العلم وراثة كريمة والآداب حلل مجددة والفكر مرآة صافية. ( نهج ٤: ٣)      
البحوث > المتفرقة > الجانب السياسي في حياة أهل البيت الصفحة

الجانب السياسي في حياة أئمّة أهل البيت
الإمام السيد علي الخامنئي
ترجمة: الدكتور محمد علي آذرشب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين(١).

ضرورة الاهتمام بحياة الأئمّة
أرجو أن يتحقق في هذا الاجتماع أمل قديم من آمالنا في دراسة حياة أئمة أهل البيت عليهم السلام.
غربة هؤلاء الأئمة لم تقتصر على حياتهم، بل إن غربتهم استمرت بعدهم على مدى القرون، متمثلة بعدم الاهتمام بالجوانب الهامة بل الاصلية من حياتهم. المؤلفات التي دوّنت حول حياة أئمة الهدى ـ عليهم السلام ـ على مدى القرون لها دون شك أهمية قصوى، لأنها استطاعت أن تجمع شتات الروايات المرتبطة بهم وتقدمها للاجيال، ولكن الروايات التي تتناول حياتهم السياسية خلال مئتين وخمسين عاماً من عهدهم المبارك قد اختفت ـ مع الأسف ـ بين الروايات والاحاديث التي ركزت على الجانب العلمي والمعنوي من حياتهم.
حياة أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ لا ينبغي أن تبقى في حدود ذكريات في الاذهان والنفوس; بل لابدّ أن نتلقاها باعتبارها دروساً ومنهجاً للحياة، وذلك لا يتيسّر إلاّ بدراسة سيرتهم السياسية. من هنا كان لي اهتمام بهذا الجانب من حياة الأئمة عليهم السلام.
لا بأس أن أذكر أن توجّهي بشكل جادّ لهذا اللون من الدراسة بدأ أول مرة سنة ١٣٥٠ هـ. ش (١٣٩٢هـ. ق) حين كنت أمضي فترة من فترات المحن الصعبة. نعم، لقد كنت قبل ذلك أنظر إلى أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـباعتبارهم مجاهدين كباراً مضحين على طريق اعتلاء كلمة التوحيد وإقامة الحكومة الالهية، لكن الفكرة التي انقدحت في ذهني آنئذ هي أن حياة هؤلاء العظام ـ  رغم ما فيها من تفاوت ظاهر دعا بعض الدارسين إلى القول بوجود تناقض في منهج حياتهم ـ تشكل بمجموعها حركة واحدة مستمرة متواصلة بدأت من السنة الحادية عشر للهجرة واستمرت مئتين وخمسين عاماً، أي حتى سنة مئتين وستين للهجرة إذ بدأ عصر الغيبة.
هؤلاء العظام يشكلون مجموعة واحدة وشخصية واحدة ويتجهون نحو هدف واحد. إذن لماذا ندرسهم بشكل تجزيئي؟ لماذا ندرس حياة الإمام الحسن المجتبى والإمام الحسين والإمام علي بن الحسين السجاد ـ عليهم السلام ـ، كلاً على حِدة؟ هذا اللون من الدراسة هو الذي أوقع بعض الدارسين في خطأ خطير حين فهم الاختلاف الظاهري في حياتهم على أنه تعارض وتناقض في سلوكهم. لابد أن نعتقد أن حياتهم باجمعهم حياة إنسان واحد عمّر مئتين وخمسين عاماً، دخل الساحة سنة إحدى عشرة للهجرة وواصل العمل فيها حتى سنة مئتين وستين للهجرة. عندئذ يمكن أن نفهم نشاط هذا الانسان الكبير المعصوم ونفهم خلفيات هذا النشاط.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(١) محاضرة أُلقيت في افتتاح مؤتمر الإمام الرضا عليه السلام.