الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)      لا يَصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده. ( نهج البلاغة ٤: ٧٤)      كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. ( نهج البلاغة ٤: ٤٩)      العلم خير من المال، والعلم يحرسك وأنت تحرس المال. ( نهج البلاغة ٤: ٣٦)      
البحوث > المتفرقة > دور العصبيات في إضعاف الكيان الإسلامي الصفحة

دور العصبيات في إضعاف الكيان الإسلامي: عصر صدر الإسلام نموذجاً
الشيخ عبدالكريم آل نجف
توفي الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ في السنة الحادية عشر من الهجرة مخلّفاً وراءه تجربة أجتماعية وسياسية لم تكتمل بعد، وحضارة فتية لا زالت في طور النشوء، ورسالة سماوية قدّر لها أن تكون الرسالة الخاتمة، وصاحبة الحق في السيادة على الأرض، فليس لغيرها حق في الظهور، فضلاً عن الانتشار والسيادة. وهذا الارث الثلاثي الضخم ـ تجربة، حضارة، رسالة ـ الذي خلّفه الرسول يشق طريقاً للبشرية كانت التجربة النبوية بدايته، ويكشف عن مسؤولية استثنائية ومصيرية تبحث عمن يحملها وينهض بها. فيا ترى هل فكّر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ بمستقبل هذا الارث ومصيره؟ وهل أعدّ من يكون لائقاً بحمله وأداء المسؤوليات الاستثنائية التي ينطوي عليها؟
يكاد يكون الجواب الايجابي على هذا التساؤل بديهياً. إذ لم يُعهد من الانسان العادي ـ فضلاً عن القائد الكبير والرسول الخاتم ـ أن يخلف وراءه أموراً معينة ـ فضلاً عن أن تكون هذه الاُمور تجربة وحضارة ورسالة سماوية خاتمة ـ دون أن يفكّر في مصيرها ومستقبلها بَعده والفرد الذي سينهض بمسؤوليتها نيابة عنه. وهذا من بديهيات الاُمور، وما عداه سفه ولا أباليه يجلّ عنه الانسان العادي فكيف بخاتم الرسول وسيد البشر وأعظم القادة في التاريخ ـ صلى الله عليه وآله ـ؟
والجواب الايجابي فيه أحتمالان:
الاحتمال الأول ـ أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ واثقاً من أن الأمة التي أنشأها سوف تنهض بالمسؤولية المشار إليها بنحو جعله مطمئناً إلى مصير ومستقبل الارث النبوي بمقوّماته الثلاثة ـ تجربة، حضارة، رسالة ـ.
الاحتمال الثاني ـ أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قد تدخّل تدخلاً مباشراً وأعدّ لمستقبل الارث النبوي الخطة الكافية التي تضمنه عبر تعيين واعداد الفرد أو الأفراد الجديرين بتحمّل المسؤولية التأريخية من بعده، لو أن الباحث المنصف لم يتناول هذه المسألة من كل زواياها التأريخية والكلامية وأقتصر على دراسة جانب واحد، وهو أن المجتمع الذي فيه عدد كبير من المنافقين طبقاً لشهادة القرآن، وعدد كبير من الطلقاء، ولا زالت ترسبات الجاهلية تنتاب أكثر الصحابة المقرّبين من النبي صلى الله عليه وآله، مثل هذا المجتمع كيف يؤمن على مستقبل الرسالة والتجربة بحيث نقول: إن النبي اطمأن لمستقبل الإسلام على أساس الثقة بسلامة هذا المجتمع وقدرته على انجاز المسؤولية السماوية والتأريخية المنوطة به؟ وإذا اهملنا المنافقين والطلقاء ـ وهم عدد كبير وخطير يعتدّ به ويخشى منه ـ وركّزنا النظر في سيرة الطليعة البارزة من الصحابة ممن برزت أسماؤهم في التجربة النبوية وساد ذكرهم في التأريخ ; لعثرنا على الكثير من المواقف التي توجب الشك ـ على