ليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم. ( نهج البلاغة ٣: ٨٥)      أغنى الغنى العقل. ( نهج البلاغة ٤: ١١)      سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار: نهج البلاغة ٣: ٥٦)      كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر. ( نهج البلاغة ٤: ٤٧)      
البحوث > المتفرقة > الدعاء الصفحة

الدعاء
الأستاذ الشهيد مُرتضَى المُطهري
روحانية الدعاء
بغض النظر عن أجر الدعاء وثوابه، أو الاستجابة التي ينشدها فإن الدعاء إذا تجاوز اللسان والألفاظ، وتناغم القلب مع اللسان، واهتزت روح الإنسان مع هذا الدعاء، فسوف يشعر الإنسان بروحانية مقدسة هائلة، كما لو رأى نفسه غريقًا في أمواج النور، يحس في تلك اللحظات بقداسة الطبيعة الإنسانية، ويدرك جيدًا، كيف كان منحطًا غبيًا في اللحظات الأخرى التي ينشغل نفسه فيها، بالأشياء والهموم الصغيرة، والتافهة، حيث يقلق من أجلها ويتألم، أن الإنسان يحس بالذل، حين يطلب شيئًا من غير الله، ولكن حين يطلبه من الله فسيشعر بالعزة لذلك كان الدعاء طلبًا ومطلوبًا، وسيلة وغاية، مقدمة ونتيجة، وأولياء الله لا يتلذذون بشيء كالدعاء، فإنهم يكشفون لدي محبوبهم الحقيقي كل طموحات وآمال قلوبهم ويهمهم الدعاء نفسه، والطلب والاحتياج أكثر مما تهمهم مطالبهم، وتحقيق آمالهم لا يشعرون بالملل والتعب أبدًا في تلك اللحظات كما يشير لذلك الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ في خطابه لكميل النخعي.
((هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشرو روح اليقين، استلانوا ما استوعره المترفون، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى)) على العكس من القلوب الموحلة المغلقة، والمظلمة التي تباعدت عن ذلك المحل الأعلى.
طريق من القلب لله
في قلب كل أحد طريق لله، وباب توصله إليه، حتى أكثر البشر شقاءً وانحطاطًا و (عصيانًا)، فإنه
في ساعات المحن والشدائد، حين تضيق بوجهه الدنيا، وتغلق جميع الأبواب، وتسد كل الدروب، يهتز كل وجوده، ثم يلتجيء إلى الله، وهذه الحالة من الميول الفطرية الطبيعية المودعة في كيان الإنسان، ولكن تسترها أحيانًا، حجب المعاصي وركام الذنوب، ولكن في المحن والأزمات تتكشف هذه الحجب والستائر، قليلاً، ويتحرك ذلك الميل الفطري، ويتدفق.
سئل الصادق ـ عليه السلام ـ عن الله تعالى، فقال للسائل: ((يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟)) قال: بلى، قال: ((فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟)) قال: بلى، قال: ((فهل تعلق قلبك هناك أن شيئًا من الأشياء قادر أن يخلصك من ورطتك؟)) قال:بلى، قال ـ عليه السلام ـ: ((فذاك الشيء هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجٍ، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث)).
أجل لقد عرفه الإمام ـ عليه السلام ـ على الله تعالى بواسطة قلبه (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) هذا الميل والدافع الكامن في فطرة الإنسان والذي يدفعه، حين تغلق بوجهه أبواب الدنيا إلى تلك القدرة الغالية القاهرة، التي هي فوق الأسباب والقوى الظاهرية، دليل على وجود هذه القدرة، وإذا لم يكن لهذه القدرة وجود، لمم يكن لهذا الميل الفطري وجود أيضًا. وبالطبع هناك فرق بين وجود هذا الميل في