ليس كل طالب يصيب ولا كل غائب يؤوب. ( نهج البلاغة ٣: ٥٣)        من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. ( نهج البلاغة ٤: ١٠٦)      الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر. ( نهج البلاغة ٤: ٩٤)      آلة الرياسة سعة الصدر. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)      الحدة ضرب من الجنون، لأنّ صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم. ( نهج البلاغة ٤: ٥٦)      
البحوث > المتفرقة > احمد الكاتب بين الفكر والتهريج الصفحة

أحمد الكاتب بين الفكر والتهريج
حيدر السندي
مقدمة العلاّمة الأستاذ الشيخ علي الدهنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين.
وبعد:
فإنّ قضية الإمام المهدي عليه السلام وظهوره في آخر الزمان من القضايا الواضحة التي أجمع عليها علماء الإسلام كافّة على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، مستمدّين ذلك ممّا تواتر عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيها، ممّا لا يدع مجالاً للشك ولا يتسنّى لأحد الانكار أو المناقشة.
نعم، تركّزت نقطة الخلاف بين المسلمين في ولادته ونسبه الشريف، فكان إجماع الإمامية الاثني عشرية على أنّ المهدي الموعود ـ عليه السلام ـ هو الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت عليهم السلام، وقد كانت ولادته المباركة أواسط القرن الثالث الهجري، وهو الابن الوحيد للإمام الحسن بن عليّ العسكري عليه السلام، وأنّه حيّ موجود بين ظهرانينا إلى أن يأذن الله تعالى في ظهوره ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. بينما أنكر الجمهور ـ من غير الإمامية ـ ولادته وحياته، مع اعتراف الكثير منهم بوجود ولد للإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأنّه أبو القاسم محمّد الحجّة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة، ويسمّى أبا القاسم المنتظر، كما صرح بذلك ابن حجر في (الصواعق المحرقة) وغيره(١).
ولقد اتسمت فكرة الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ لدى الإمامية بالأصالة والعمق، وذلك من خلال ارتباطها الوثيق بنظرية الإمامة لإلهية عندهم وما يحوطها من حجّة واضحة وبرهان ساطع.
وليست هذه الفكرة وليدة العصور لمتأخّرة أو أنّها نشأت من فراغ مفروض لدى شيعة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ كما يصوّر ذلك البعض، بل يمتد تاريخها إلى عصر الرسالة المجيد، وأكّدته النصوص المتكاثرة عن أئمّة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ الذين هُم عِدل القرآن الكريم، ولا يفترقان عنه حتى يردا الحوض على رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ولا تسلم هكذا فكرة ـ على قوّتها وأصالتها ـ من شبهات تحوم حولها، كما لم يغفل أئمّة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ذلك، بل تنبّأت به النصوص عنهم، وأكّدوه لشيعتهم، وحذّروا منه أصحابهم وخاصّتهم في عشرات من النصوص، منها:
١ـ ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام، قال: ((إذا فُقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد، يا بُني أنّه لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر مَنْ كان يقول به، إنّما هو محنة من الله ـ عزّ وجلّ ـ امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه)). قال: فقلت: يا سيدي، مَنْ الخامس من ولد السابع؟ فقال: ((يا بني، عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه)).

(١) الصواعق المحرقة: ٢٠٨.