الرأسمالية ووسائل السيطرة الاستعمارية على العالم
علي الأشرفي
دخل الاستعمار الى دول العالم الثالث مستفيداً من أساليبه القديمة، المتمثلة بقوته وأسلحته المتطورة، وبعد ايجاد دول مُستعمَرة ومع مرور الأيام أصبح للسلطة الاستعمارية على الاقتصاد والتجارة محتوىً جديد حيثُ استخُدمت طرق استعمارية حديثة، وتم تصدير رؤوس الأموال بشكل مباشر أو غير مباشر الى دول العالم الثالث.
وفي النهاية ومع تطور الصناعات الاستهلاكية والتي تشرف عليها الشركات متعدد الجنسية، أصبح النموذج الاستهلاكي في هذه الدول ينسجم مع متطلبات الدول الصناعية، (وفي هذه المرحلة يلعب العامل الثقافي دوراً بارزاً، فهذا العامل لايظهر فقط في تقليد العالم الثالث للعادات والتقاليد واللغة وشكل الاستهلاك و.. وانما يظهر في طريقة التفكير بالذات والغير أيضاً. وفي هذه الحالة يفقد انسان العالم الثالث التمييز بين الصديق والعدو، كما يفقد امكاناته الذاتية في حلِّ مشاكله، ويبقى ينتظر الحلول المستوردة، فالمستهلك يطلب البضاعة الأجنبية ويقيس على أساسها البضاعة الداخلية. واصحاب رؤوس الأموال والأختصاصيين، يرون محيط عملهم غير آمن ولذلك يتحينون الفرص للهرب بأموالهم وعقولهم وامكاناتهم الى الخارج، عند ذاك تكون الامبريالية قد أصبحت حالة داخلية، ان كفاحها يعد أمر في غاية الصعوبة والدقة والتعقيد، كما وانه أمراً شاق وطويل)(١).
وخلال هذه المراحل هناك عاملان أساسيان أديا الى تغيير طرق وأساليب سلطة الدول الامبريالية من أجل استمرار النهب وتعميق الرأسمالية.
الأول: هو ازدياد الإمكانات المالية والصناعية والتكنولوجية ووسائل الاتصال في الدول الغربية.
والثاني: ازدياد الوعي وشهرة المقاومة (داخل الدول المتأخرة في العالم الثالث).
ومع ان هناك تغييرات في طرق وأساليب الاستعمار العالمي، لكن ليس هناك تغيير في أهداف الدول الغربية العامة، المتمثلة بالسيطرة على جميع مقدرات دول العالم الثالث والاستمرار في نهب وسلب كل ثرواتهم الطبيعية والاقتصادية والانسانية، وكما قلنا سابقاً، فإن طبيعة عالم السياسة والعلاقات الدولية لاتزال هي المؤامرة ـ بشكليها العلني والخفي ـ وليس هناك تسابق، ولايمكن اعطاء صورة حقيقية لما يجري على الساحة الدولية بالاستناد الى نظرية اللعبة (Theory Gams)، أو نفرض وجود تسابق بين الدول والشعوب كما يؤمن به بعض وفي ضوء الظروف الجديدة، نرى من الضروري معرفة أهم مراكز القرار ووسائل تسلط الرأسمالية العالمية ـ على الأقل ـ على مستوى المراكز الأساسية، وكذلك معرفة آلية تأثيرهم في تعميق الارتباط والتبعية.