كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. ( نهج البلاغة ٤: ٤٠)      خاطر من استغنى برأيه. ( نهج البلاغة ٤: ٤٨)      اللسان سبع إن خلي عنه عقر. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)      ليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلاّ في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم. ( نهج البلاغة ٤: ٩٢)      
البحوث > المتفرقة > السعي في الحج والحياة الصفحة

السعي في الحجّ والحياة
الشيخ محمد مهدي الآصفي
بسم الله الرحمن الرحيم
(إنّ الصفا والمروةَ من شعائرِ اللهِ فمَنْ حجَّ البيتَ أوِ اعتمرَ فلا جُناحَ عليهِ أنْ يطَّوَّفَ بهما ومَنْ تطوَّعَ خَيْراً فإنَّ اللهَ شاكرٌ عليمٌ)(١).
الخلفيّة التاريخية للسعي
السعي في الحج يرمز إلى قصة هاجر وإسماعيل عليهما السلام، وقصتهما معروفة عندما تركهما ابراهيم ـ عليه السلام ـ بواد قفر غير ذي زرع وترك عندهما قليلاً من الماء والطعام.
فلما نفذ ما كان عندهما من الماء غلب الظمأ على اسماعيل وخافت أُمّه هاجر عليه من الهلاك فبدأت تسعى جاهدة تبحث له عن ماء، من الصفا إلى المروة وبالعكس، تنظر إلى الاُفق البعيد تبحث لرضيعها عن الماء، حتى إذا كانت في الشوط الأخير من سعيها بين الصفا والمروة ألقت من المروة نظرة إلى حيث يقع بئر زمزم اليوم بالقرب من موقع المسجد الحرام، وجدت الماء يتفجر من تحت قدم الطفل فتركت سعيها، وهرولت نحو رضيعها تسقيه، وتلملم الماء لئلاّ يذهب هدراً في الأرض القفر.
وقد سجّل الله تعالى سعي هذه المرأة الصالحة، أم إسماعيل يومئذ إلى الماء لانقاذ رضيعها في ذاكرة التاريخ، وجعل من سعيها منسكاً من مناسك الحج.
معنى السعي
إذن (السعي) من الحج يرمز إلى مسألة أساسية في حياة الانسان، وهي حركة الانسان سعياً من وراء الرزق.
وسعي هاجر من هذا السعي، وسعي المريض إلى الطبيب، والتلميذ إلى المعلم، والعامل في العمل، والفلاح في المزرعة، والتاجر في السوق، والسياسي للوصول إلى الحكم، أو للمحافظة عليه وسعي الشباب إلى الزواج... من هذا السعي.
وعلى نحو الاختصار (السعي) هو: كل حركة تؤمّن رزق الانسان واستقراره وراحته ومستقبله وكرامته واحتياجاته، وتمكّنه من أن يعيش في هذه الدنيا.
وهو: حركة دائبة تستوعب مساحة واسعة وكبيرة من حياة الناس، وأحياناً يستغرق كل جهد الانسان وحركته وتستغرق كل شخصية الانسان.

(١) البقرة: ١٥٨.