السيرة النبوية الشريفة في ظلال القرآن الكريم
السيد منذر الحكيم
مدخل
للقرآن الكريم عناية فائقة بسيرة الأنبياء الهداة وله نهج خاص لدراسة سيرتهم صلوات الله عليهم أجمعين.
ينطلق القرآن الكريم من عنصر الهداية أي من عنصر ترشيد حركة الانسان نحو الكمال اللائق به، فيختار أهدافاً واقعية لمجموعة من الحوادث التاريخية التي تشكّل منعطفاً مهمّاً في حياة الأفراد والاُمم وتكون مفتاحاً للدخول إلى ابواب واسعة من العلوم والمعارف التي تخدم حركة الانسان التكاملية.
ويوظّف القرآن الحكيم شتى الأدوات للوصول إلى تلك الأهداف المُثلى.
فهو يخاطب العقل والعقلاء واولي الألباب ويفتح للفكر الانساني آفاقاً جديدة حيث يقول:
١ ـ (فاقصص القصص لعلّهم يتفكّرون)(١).
٢ ـ (لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأُولي الألباب)(٢).
فـ (التفكر) في حوادث التاريخ والسيرة (تاريخ الاُمم وسيرة القادة الهُداة) و (الاعتبار) بها يشكّلان هدفين أساسيّين في المنهج القرآني للتاريخ.
ولا تقتصر الأهداف على هذين الهدفين بل تتعدّى إلى أهداف رسالية اُخرى تتجلّى في قوله تعالى في قصة يوسف ـ عليه السلام ـ:
(ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)(٣).
كما تتجلّى في قوله تعالى في نهاية سورة هود ـ عليه السلام ـ: (وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبّت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين)(٤).
حيث تضمّنت كل آية منهما أربعة أهداف رسالية لاستعراض أنباء المرسلين والتحدث عن قصصهم.
ويعتمد القرآن الكريم في منهجه التاريخي الذي يتفرّد به على:
١ ـ الحق (الحقائق لا الخرافات ).