النهوض في العالم الاسلامي والمشكلة الثقافية طريق الحل
عبد الله الفريجي(١)
ينبثق عن نزوع الانسان الغريزي الى البقاء بناء الجماعات الانسانية والارتباط بها بعلائق متنوعة، تتأسس ابتداءً في اطر خاصة متحركة متنامية تبعاً لحركة المجتمع وعمليات التفاعل بين افراده، بحيث يخلق فضاء قادراً على توفير امكانية الانتاج والأمن لهم، بناءً على ما يتحدد من حقوق وواجبات وامتيازات واخلاق وقوانين وعادات واعراف.
وهكذا يتفاوت فضاء الحركة بالنسبة لفرد داخل جماعة معينة عن فرد آخر لا يرتبط بها، اذ ان انتظام الافراد داخل الجماعات يفرض القبول بصيغ خاصة للسلوك والتفكير، وتبعاً لذلك ينشأ تحديد لنشاطات الانسان، وتبعاً لهذه التحديدات فإن الجماعات تتفاوت في قابلياتها للتطور والنمو او التراجع والانحلال.
فللعرف مثلاً اثر اقتصادي لانه يحدد نشاطات الانسان الاقتصادية، فمجتمع يسود فيه عرف الاسراف في نفقات المناسبات الاجتماعية يدفع افراده الى تخصيص مقادير كبيرة من المداخيل لهذا الغرض. وللقوانين ايضاً اثر في النشاط العقلي للافراد، لانها مثلاًتحرّم التفكير في بعض المسلمات، وهكذا تنشأ اطر خاصة تتأثر وتؤثر بنشاط الافراد وبالتالي في حركة الجماعات. هذه الاطر تعرف بالثقافات، فلكل امة او جماعة ثقافة خاصة تنشأمع ولادة الأمة وتتطور عبر وجودها التأريخي، وتمتاز بها عن سائر الامم الاخرى.
ماهي الثقافة؟
تعددت تعاريف الثقافة، الا أنّ السائد هو أنها (الحركة الحيوية للحياة، الحركة المشخصة والمعاشة)(٢) وقد عرّفها (تايلور) بـ(ذلك الكل المركب من المعارف والعقائد والفن والاخلاق والقانون والاعراف وكل ما اكتسبه الانسان بوصفه عضواً في مجتمع ما)(٣). وعُرّفت ايضاً بأنها (ذلك الجزء من البيئة الذي صنعه الانسان)(٤). ويشير التعريف ضمناً الى ان (حياة الانسان تدور في محيط طبيعي وآخر اجتماعي)(٥).