الاسلام والارتقاء الاجتماعي والتطور الاقتصادي
كمال البصري(١)
يتناول البحث اهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويسلط الضوء على ان مشكلة الارتقاء الاجتماعي والتطور الاقتصادي لا ترجع بشكل رئيسي الى قلة الموارد والامكانيات، او الى نمط الانتاج والتوزيع في المجتمع، بل الى المحتوى الداخلي للانسان من حيث علاقته بأخيه الانسان (من جهة)، واسلوب تعامله مع المؤسسات الاجتماعية من جهة اخرى. ويستنتج البحث بان المشكلة الاقتصادية والرفاهية والاجتماعية، لا تجد حلها الا باعادة بناء المحتوى الداخلي للانسان، ومن خلال تسوية الخلاف بين المصلحة الخاصة والعامة.
فدول العالم تعاني من مشاكل كثيرة ومتنوعة، يمكن تصنيفها الى مشاكل متعلقة:
أ ـ بقلة الموارد الاقتصادية وضعف كفاءة استخدامها.
ب ـ وجود تفاوت طبقي وتوزيع سيئ للعائد الاقتصادي وظهور حالات متطرفة من فقر مدقع الى غنى فاحش.
ج ـ مخالفة القوانين والاعراف الاجتماعية السائدة وشيوع الجريمة باشكالها المختلفة.
د ـ غياب العدالة السياسية وظهور ديكتاتورية الاغلبية تارة وديكتاتورية الاقلية تارة اخرى.
وتختلف وجهات النظر في اصل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم تختلف الحلول المقترحة، فهناك وجهات نظر ترجع التخلف الاقتصادي الى قلة الموارد الاقتصادية(٢)، او تخلف المهارات البشرية(٣)، او الى عدم التوافق بين قوى وعلاقات الانتاج. اما وجهة نظر الاسلام في اصل المشكلة، فتتلخص بتأكيد غياب القيم العليا والفكر الانساني، ومن ثم ظهور مشكلة التناقض بين المصلحتين الخاصة والعامة(٤). فالافراد لهم مصالح فردية، انانية واستحواذية وتحايلية تتقاطع مع المصلحة العامة للمجتمع. ويترتب على هذا التقاطع وعدم التوافق العديد من المشكلات الاجتماعية. وبسبب رغبة شعوب العالم في تنمية اوطانها واحتلالها مركزاً مرموقاً في المنظومة الدولية، سعت بعض الدول الى تبني التجربة الاشتراكية، وبعضها الآخر الى تبني تجربة الاقتصاد الحر. ورغم الجهود المبذولة في هذا المضمار، مازال الكثير من هذه الدول يعاني من تخلف في واقعها الاجتماعي والاقتصادي. فقد اتسعت في بعض البلدان الفجوة الاقتصادية بين الدول النامية ودول العالم الصناعي، وادت مساعي التنمية الاقتصادية الى سوء توزيع الدخل الاقتصادي، فخلقت طبقة مترفة غنية، واخرى محرومة فقيرة(٥).