لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه. ( نهج البلاغة ٤: ١١)      من دخل مداخل السوء اتّهم. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )        لا خير في علم لا ينفع. ( نهج البلاغة ٣: ٤٠)      قدر الرجل على قدر همته. ( نهج البلاغة ٤: ١٣)      من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذاك الأحمق بعينه. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )     
البحوث > المتفرقة > المردود السلوكي للإنسان عند النعمة والابتلاء الصفحة

المردود السلوكي للإنسان عند النعمة والابتلاء
الشيخ محمد مهدي الآصفي
مقدمة
(ونُنزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خسارا * وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشرُّ كان يئوساً * قل كلٌّ يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً)(١).
ما ينزل من عند الله على عباده: أما نعمة مثل الصحة والمال والعمر، والموقع، والرفاه، والتوفيق للعمل الصالح واليقين. وأما ابتلاء مثل الفقر، والمرض، والحروب، وسائر نوائب الدهر. وكلّ منهما لصلاح الإنسان وكماله، وكل منهما طريق الإنسان إلى الله. ولهذا وذاك مردود على نفس الإنسان وسلوكه.
وللقرآن الكريم اهتمام خاص بهذا المردود، سواءً منه ما يتعلق بالنعمة أو الابتلاء، كما أن له اهتماماً وعناية كبيرة بتوجيه الإنسان إلى السلوك الصحيح والرد السليم تجاه كل من النعمة والابتلاء. وإليك تفصيل هذا البحث من خلال تفسير الآية ٨٢ ـ ٨٤ من سورة الإسراء المباركة.

القرآن شفاء لقوم وخسار لآخرين
إنّ القرآن ينزل من عند الله على الناس، فينزل رحمةً وهدىً وشفاءً على طائفة من الناس، ويكون خساراً وأذىً على آخرين (ونُنزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خسارا). ولا فرق بين قرآن وقرآن، فإن القرآن كله من عند الله، ومع ذلك فهو شفاء ورحمة للمؤمنين، وخسار وأذى للظالمين.
وليس ذلك شأن القرآن فقط، فإن النعمة تنزل من عند الله على الناس، فيكون مردودها على نفوس الظالمين الطغيان والبطر (إنّ الإنسان ليطغى أن رآه استغنى) (ألهاكُم التكاثر حتى زرتُم المقابر) وينزل الابتلاء على النفوس الضعيفة، فيكون مردوده اليأس والجزع، وهذا وذاك مردودان سلبيان. (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه وإذا مسّه الشرّ كان يئوساً)، وهذا وذاك مردودان سلبيان.
وكان ينبغي أن يكون ردّ الإنسان على النعمة: الشكر، وردّه على الابتلاء: الصبر والدعاء. وهو الردّ الإيجابي السليم تجاه النعمة والابتلاء في حالات سلامة الإنسان واستقامته. فإذا فقد الإنسان السلامة والاستقامة في نفسه كان ردّه على النعمة والابتلاء سلبياً وضارّاً به.
اختلاف الأعمال باختلاف النفوس
فاختلاف المردود النفسي لنفوس الناس تجاه النعمة والابتلاء، إذن، نابع من اختلاف نفوس الناس، وليس من اختلاف نعمة عن اُخرى، ولا اختلاف ابتلاء عن ابتلاء (قل كلٌّ يعمل على شاكلته).

(١) الإسراء: ٨٢ ـ ٨٤.