رب قريب أبعد من بعيد، ورب بعيد أقرب من قريب. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)      الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. ( نهج البلاغة ٤: ٤٠)      خاطر من استغنى برأيه. ( نهج البلاغة ٤: ٤٨)      إفعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئاً، فإن صغيره كبير وقليله كثير. ( نهج البلاغة ٤: ٩٩)      إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها أو التسقط فيها عند إمكانها. ( نهج البلاغة ٣: ١٠٩)     
البحوث > المتفرقة > الإمام الخميني: مقاربة أولية في نهجة ومعالم شخصيته الصفحة

الامام الخميني: مقاربة أولية في نهجه ومعالم شخصيته
السيد علي الخامنئي
بدأت ارهاصات النهضة الاسلامية بعد سنة ونصف من وفاة السيد البروجردي. وفي النصف الثاني من عام ١٩٦٢م تجلى بُعد من ابعاد شخصية الامام الخميني، تجسد في وعيه وذكائه وشدة اهتمامه بقضايا غفل عنها الآخرون، اضافة الى غيرته المتميزة على الدين. وقد تجسدت تلك الغيرة عندما اسقطت الحكومة شرط الاسلام والقسم بالقرآن عن النواب المنتخبين لعضوية المجلس الوطني. ولم يلتفت احد الى خطورة هذا القرار.
لم يجرؤ النظام على طرح القرارات المتعلقة بالنقابات وقرار اسقاط شرط الاسلام عندما كان المجلس قائماً ـ رغم ان المجلس الوطني كان مجلساً صورياً خاضعاً لارادة السلطة، ولم يدخله احد إلاّ من حظي بتأييدها، فالعملية كانت تنصيباً قبل ان تكون انتخاباً حراً ـ لانه يخشى ردة فعل المجلس نفسه، فاضطر الى حلّه ثم اتخذ قراراته خلف الكواليس، وهذا يكشف عن وجود غايات اخرى لم يعلن عنها، فلم يلتفت لها احد، إلاّ ان الامام الخميني ادرك مخاطر القرار فتصدى له ودفعته غيرته الدينية الى مواجهة المشاريع المناهضة للاسلام مهما كانت اهميتها.
لم يحرص الامام الخميني على استباق الآخرين في ميدان الجهاد، بل ينقل انه كان يتحدث ذات مرة مع احد مراجع الدين المعروفين في دار آية الله الحائري، وهو زميله في الدراسة عن قيادة التحرك، فقال له: تحرك ونحن من ورائك. فالمهم لدى الامام هو اداء التكليف وانجاز المسؤولية الملقاة على عاتقه، اما قضية التصدي وقيادة التحرك فلم تشغله كثيراً.
لم يتجرأ الآخرون على دخول المعترك، كما فعل الامام، لهذا اخذ بزمام الامور بشكل تلقائي وجابه النظام اعتماداً على الجماهير.
شكك كبار الحوزة ومراجع الدين بقدرة التحرك على استقطاب الجماهير في ظل الاضطهاد والارهاب، إلاّ ان الامام صرح منذ اليوم الاول بانه سيتحرك بمساندة الشعب، وانه سيدعوه اذا ما اقتضت الضرورة الى التحشد في البراري القريبة من مدينة قم.وانه كان واثقاً من استجابة الجماهير في جميع انحاء ايران.
وهنا تجسد بُعد آخر في شخصية هذا الرجل على الصعيد العملي، تمثل في قدرته القيادية وشجاعته السياسية وخبرته باساليب واهداف العدو.
لقد اشرق الامام الخميني في عام ١٩٦٣م كالشمس في آمال الشعب الايراني، وهو العام الثاني من اعوام النهضة الذي اتسم بالبطش والاضطهاد والمذابح.فكان بركاناً من الفداء وقد اجتمعت فيه خصال الرجل الوطني، الاسلامي العالمي.وكان يتحلى بشجاعة وصراحة وقدرة على تعبئة الجماهير، وخاصة في بداية عام ١٩٦٣م، حينما هاجمت القوات الخاصة المدرسة الفيضية والحوزة العلمية في مدينة قم، في ٥ حزيران عام ١٩٦٣م.