كثرة الإطراء تحدث الزهو وتدني من العزة. ( نهج البلاغة ٣: ٨٨ )     عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار. ( نهج البلاغة ٤: ١٩)        أحسن كما تحب أن يُحسن إليك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)      بالإفضال تعظم الأقدار. ( نهج البلاغة ٤: ٥٠)      المرء مخبوء تحت لسانه. ( نهج البلاغة ٤: ٣٨)      
البحوث > المتفرقة > كيفية تناسل أبناء آدم عليه السلام الصفحة

كيفية تناسل أبناء نبي الله آدم عليه السلام
حسين الشطري
بسم الله الرحمن الرحيم
من المسائل التي كثرت الآراء فيها مسألة تناسل الطبقة الثانية من أبناء نبي الله آدم عليه السلام، والأجوبة التي ذكرها العلماء في ذلك قد لا توصل الإنسان إلى قناعة تامّة في كيفية حصول هذا التناسل؛ لأنّها تدور بين ما تأباه الفطرة الإنسانية وبين ما هو بعيد بالاحتمالات العقلية . وهذا ما جعلنا نخوض غمار البحث في هذه النقطة مستعرضين الآراء والروايات الشريفة الواردة في المقام، ونسجّل ما لدينا من تعليقات واستفادات، ثمّ نبيّن ما نحتمله من جواب، على أنّنا سوف نختصر على أهمّ الآراء تجنّباً عن الإسهاب والإطناب.
ذكر السيّد العلاّمة الطباطبائي ـ قدّس الله نفسه الزكية ـ في (الميزان) في تفسير قوله تعالى: (…وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً)(١) ما نصّه: وظاهر الآية أنّ النسل الموجود من الإنسان ينتهي إلى آدم وزوجته من غير أن يشاركهما فيه غيرهما، حيث قال: (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً)، ولم يقل: منهما ومن غيرهما، ويتفرّع عليه أمران:
أحدهما: أنّ المراد بقوله: (رِجَالاً كَثَيراً وَنِسَاءً) أفراد البشر من ذريتهما بلا واسطة أو مع واسطة، فكأنّه قيل: وبثكم منهما أيّها الناس.
وثانيهما: أنّ الازدواج في الطبقة الأولى بعد آدم وزوجته ـ أعني في أولادهما بلا واسطة ـ إنّما وقع بين الأخوّة والأخوات ازدواج البنين بالبنات، إذ الذكور والإناث كانا منحصرين فيهم يومئذ، ولا ضير فيه، فإنّه حكم تشريعي راجع إلى الله سبحانه، فله أن يبيحه يوماً و يحرّمه آخر، قال تعالى: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ)(٢)، و قال: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)(٣)، وقال: (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)(٤)، وقال: (وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الاُولَى وَالاْخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٥).
وفي تفسير (الأمثل في كتاب الله المنزل) ذكر ما نصّه:ـ قال سبحانه: وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً، هذه العبارة يستفاد منها أنّ انتشار نسل آدم وتكاثره تمّ عن طريق آدم وحواء فقط، أي بدون أن يكون لموجود ثالث أيّ دخالة في ذلك.
وبعبارة أخرى: إنّ النسل البشري الموجود إنّما ينتهي إلى آدم وزوجته من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكر أو أنثى. وهذا يستلزم أن يكون أبناء آدم أخوة وأخوات قد تزاوجوا فيما بينهم؛ لأنّه إذا تمّ تكثير النسل البشري عن طريق تزوّجهم بغيرهم لم يصدق ولم يصح قوله: (مِنْهُمَا).

(١) النساء: ١.
(٢) الرعد: ٤١.
(٣) يوسف: ٤٠.
(٤) الكهف: ٢٦.
(٥) القصص: ٧٠.