لا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      قدر الرجل على قدر همته. ( نهج البلاغة ٤: ١٣)      من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه. ( نهج البلاغة ٤: ٦)      ليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلاّ في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم. ( نهج البلاغة ٤: ٩٢)      رب كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة. ( نهج البلاغة ٤: ٩١)      
البحوث > المتفرقة > المرجعية العلمية لاهل البيت عليهم السلام الصفحة

المرجعية العلميّة لأهل البيت(عليهم السلام)
الشيخ محمد علي التسخيري
مدخل :
ظلّ موضوع المرجعية العلمية للمسلمين محوراً للنقاش والبحث طيلة مئات من السنين، وكانت أهمية هذا الموضوع تزداد كلما ابتعد المسلمون زمنياً عن عصر صدر الإسلام، تحديداً عصر النص القرآني والنبوي. وكان من شأن اتفاق المسلمين على مساحة مشتركة في هذا المجال أن يشكّل أحد أهمّ محاور الوحدة الإسلامية.
وإذا كان القرآن الكريم وسيرة رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله ـ وسنته المحورين الأساسيين اللذين يشكّلان الإطار الذي يجمع المسلمين في داخلة، فإن المرجعية العلمية التي تفسِّر القرآن الكريم وتكشف عن وجوهه وتحسم حالة الاختلاف حول أحكامه في الجانبين العقيدي والفقهي، وكذا الحال بالنسبة للسنة النبوية الشريفة، هذه المرجعية العلمية هي أهم قضية ظلت حائلاً دون اتفاق المسلمين في البعد العلمي للاختلاف.
وفي هذا البحث نحاول استئناف الحوار العلمي حول هذه المرجعية العلمية، مع افتراض أنها تتمثل في أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه وآله، إذ أن طرح هذا الافتراض في مدخل البحث سيحصر موضوع البحث في دائرة واضحة في معالمها، ويحول دون تشتت محاور البحث وتشظّي خطّته. ولا شك أن هذا الافتراض مبني على أُسس رصينة سنأتي عليها في فقرة المرجعية العلمية للمسلمين في القرآن والسنّة ; لأن القرآن والسنّة هما المصدران المقدّسان اللذان يحتج بهما المسلمون على اختلاف فرقهم ومذاهبهم.
ومن هنا فمنهج البحث يقوم على محاولة إثبات محورية مرجعية أهل البيت ـ عليهم السلام ـ العلمية وقد سعينا لاستخدام الموسوعات الحديثية والفقهية والتاريخية لأهل السنّة أكثر من استخدامنا لكتب الشيعة، وذلك لسبب موضوعي، إذ أن الشيعة يعتقدون بما لا يقبل الشك بالمرجعية العلمية لأهل البيت عليهم السلام، فهو القاعدة التي قام عليها مذهبهم.
ومن هنا سيكون الحديث باتجاه مذاهب المسلمين الاُخرى للبحث معاً، وفي إطار حوار علمي معمق حول الاتفاق على شكل ومضمون المرجعية العلمية التي يُجمع عليها المسلمون. وهذا الاكتشاف المشترك سيؤدي آلياً إلى تجاوز الخلاف التاريخي. والتركيز على المساحات المشتركة التي تجمع المسلمين في الحاضر والمستقبل، فضلاً عن رفع الحيف عن جزء كبير من المعارف الإسلامية التي ظلّ القسم الأكبر من المسلمين يتجاوزها ولا ينتفع بها، برغم أنها بحر لجيّ من العلوم والمعارف .
وستعتمد خطة البحث مجموعة محاور، يشكّل كل منها محطّة من الاستدلالات التي تخرج بنتيجة علمية تنقل البحث آلياً إلى المحور اللاحق الذي سيحوّل باتجاه التكامل، وفقاً للمنهج الاستقرائي الذي سنتحدث عنه في الخاتمة .