لا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه، وإياك أن تجمح بك مطيّة اللجاج. ( نهج البلاغة ٣: ٥٣)      من زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. ( نهج البلاغة ٤: ٨ )      من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته. ( نهج البلاغة ٣: ٨٥ )        العقل حفظ التجارب، وخير ما جرّبت ما وعظك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢ـ ٥٣)      
البحوث > المتفرقة > حقيقة الانتظار وآثار فهمه السليم الصفحة
حقيقة الإنتظار وآثار فهمه السليم
* الشيخ محمد الأسدي
مقدمة
لم تكن مسألة انتظار المصلح من مبتكرات مذهب التشيع ومختصاته بل وليس من مختصات الاسلام وانما هي سنة إلهية جرت في جميع الاديان السماوية، فقد اقتضت الارادة الالهية ان تكون هذه السنة جارية في جميع الرسالات لما في ذلك من مصلحة عظيمة ولذلك فان الرسل والانبياء عليهم السلام كانوا دائماً يبشرون بما يأتي بعدهم من أنبياء ورسل وديانات، وتصدر منهم الاحاديث والتوصيات في ضرورة إتباع الديانة القادمة، وتكون هذه التوصيات يمثابة الدعاية لتلك الديانة المرتقبة او النبي المنتظر، والتي سوف تترك اثرها الكبير على لخطين المتنازعين في هذه الارض، خط االله تعالى وخط الشيطان، خط الهدى وخط الضلال، خط الحق وخط الباطل، فانها من جهة تبعث الامل في نفوس اصحاب الحق وتجعلهم على استعداد تام لإستقبال المصلح القادم والتفاعل مع دعوته، الامر الذي يهيء له الارضية الصالحة لنجاح دعوته المقدسة، ومن جهة اخرى فان مثل هذه الاخبار التي تطمئن لها نفوس الصالحين لصدورها عن منبع الحكمة والحق واليقين عن الله تعالى وأولياءه، وتجزع منها نفوس الطالحين، وتزرع في قلوبهم الرعب والهزيمة خصوصاً اذا تركزت في نفوسهم ان المصلح المرتقب سوف يكون على يده اهيار عروشهم الواهية المبنية على مجموعة من الاوهام والخزعبلات التي يصورها الظالمون على انها حقائق ثابتة، فوجود مثل حالة الرعب هذه سوف يكون لها الاثر الكبير في انتصار المصلح القادم لان ذلك يعني ان العدو المقابل يعيش حالة الانهزام مقدماً مما سيؤدي الى تحقيق النصر باقل جهود واقصر وقت لان العدو يعين على نفسه بخوفه ويساعد في تحقيق هزيمته.
والذي يريد أن يقطع بان مسألة انتظار المصلح سنة إلهية جعلت لما فيها من مصالح عظيمة لا يحتاج إلا مراجعة بسيطة لكتب تاريخ الديانات السماوية ليرى كيف خاف فرعون من موسى قبل ولادته بسنين، وماذا ترتب من اثار على التبشير بالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام، ثم العهد المسيحي وما شهده من حملة تبشير واسعة جداً بنبوة النبي محمد صلى الله عليه واله، كما صرح القران الكريم بذلك حيث قال تعالى: (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه احمد) ومن ذلك نقطع بوجود هذه السُنّة في الأديان التي سبقت الدين الاسلامي الحنيف، ولم يتخلف الاسلام عن جريان هذه السنة الالهية، فقد صرحت النصوص الكثيرة واشارت الاخرى الى وجود هذه السنة، وذلك بالتبشير المستمر بان ختام هذا الامر بعد زمن قد يطول وقد يقصر سيكون على يد المصلح العالمي امام الزمان المهدي الموعود عجل الله فرجه الشريف.
إذن نحن ننتظر ومعتـقدون بان هذا الامر لابد ان يأتي يومه الموعود ولكن لنا ان نتسائل ما هي حقيقة الانتظار؟