التصور الإسلامي للتنوير بين النظرية والتطبيق(*)
الدكتور السيد محمد علي الشهرستاني
التنوير
التنوير ـ كما تعرفه الموسوعة الفلسفية ـ (١):(اتجاه سياسي اجتماعي حاول ممثلوه أن يصححوا نقائص المجتمع القائم، وأن يغيروا أخلاقياته، وأسلوبه في الحياة، بنشر آراء في الخير والعدالة والمعرفة الإجتماعية) .
وهو يرادف الحداثة التي هي على تماس مع العصر والتي تعني مجمل التفاعلات التراكمية التي يدعم بعضها البعض الآخر لإحداث تحولات كبرى تتخطى الحدود التقليدية.
ولكن التنوير، يقف في الخط المضاد للتعصب الذي هو التزمت والإصرار والإلتزام بالرواسب الفكرية التي لقنها السلف للخلف، وكذلك ينحو منحى الصراع مع الأصولية السلفية التي تصر على الإلتزام بالأصول، والتعاليم التي أقرها ودوّنها السلف، في أسلوب الخطاب الأمري.
ومن الطبيعي أن يستمر الصراع والجدال بين هذين الإتجاهين المتضادين.
فاتباع مدرسة التنوير، يسفهون، ويستهزئون بالأصوليين، ويعتبرونهم عاملا
من عوامل تخلف الشعوب ومعاناتها.. والأصوليون السلفيون يكفرون أتباع مدرسة التنوير، ويعتبرونهم زنادقة يستحقون الهلاك.
فأي الفريقين على صواب؟ وأي منهما على ضلال؟ انه سؤال محرج.. والإجابة عنه تبدو أشد حرجاً .. وربما احتاج الأمر قبل الدخول في هذا السجال تسجيل ملاحظتين اثنتين:
الأولى: ينبغي اعطاء صورة واضحة عن الأصولية ومعناها، فالأصولية في اللغة، تعني الإنتماء إلى الأصول، والقواعد الثابتة، ولا يجوز في رأي المتحمسين لها. ردها ونقضها ... ولكن الكلام على الأصول التي يرجع إليها ويؤيد هذا الرأي ما قاله ابن رشد في فصل المقال: ( انه من