دولة الأدارسة
* خزعل غازي
تمهيد
تعرض التأريخ الشيعي منذ نشوءه إلى احداث هامة في سياقاته الفاعلة , فلقد مرت على الشيعة حقب زمنية عجيبة تعرضوا من خلالها إلى اقسى حملات التصفية الفردية والجماعية بسبب الحكومات المتعاقبة في القرون الماضية واخطر فترة زمنية تعرضت الشيعة فيها الى الوان الاضطهاد والقتل هي عصر الدولة الأموية.
وكانوا يتطلعون الى وضع جديد عبر الثورات المتتالية التي قاموا بها وأهمها ثورة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في العراق (١٢٤هـ) لتصبح هذه الثورة أساساً ومنطلقاً في انقسام الشيعة الى حسنيين تبنوا المذهب الزيدي والى حسينيين (أئمة الشيعة الاثني عشرية).
وعند قيام الدولة العباسية (١٣٢هـ) حيث أدى استئثار العباسيين بالخلافة دون العلويين إلى تفجير الخلاف بين الطرفين اذ اشتد الصراع بين العباسيين والحسنيين. فنشط الحسنيون في الاعداد للثورة عبر إرسال الدعاة إلى أطراف الدولة الإسلامية فكانت المغرب من ضمن تلك الأطراف التي شملها نشاط الزيدية .
كان الدعاة يوفدون من الشرق إلى افرقية وأول من وصلها من دعاة الزيدية عيسى بن عبد الله الذي انفذه محمد ذو النفس الزكية فاجابه خلق كثير من قبائل البربر ومع ذلك عاد أدراجه إلى الشرق ربما خوفاً من عيون العباسيين بأفريقية أو للمشاركة عن كثب في الثورات الزيدية .
وقد بعث محمد ذو النفس الزكية أخاه سليمان إلى بلاد المغرب فنزل بتلمسان بعد رحلة طويلة عبر مصر وبلاد النوبة والسودان ويبدو أن الخوف من عيون العباسيين كان وراء تحاشي سليمان اتخاذ الطريق الساحلي المباشر من لرقة الى تلمسان . وفي تلمسان اخذ يدعو للحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بعد مقتل أخية محمد ذو النفس الزكية . وقد احرز نجاحاً ملحوظاً قبل دعوته إلى الشرق للمشاركة في ثورة الحسين ضد العباسيين وحل محله إدريس بن عبد الله الذي كان يدعو كذلك لإمامة الحسين بن علي لكن مقامه في تلمسان لم يطل حيث اضطر للعودة كذلك إلى الشرق للمشاركة في معركة الفخ المشهورة(١) .