لا تقل ما لا تحب أن يقال لك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه. ( نهج البلاغة ٤: ١١)      القناعة مال لا ينفد. ( نهج البلاغة ٤: ١٤)      من أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه. ( نهج البلاغة ٤: ٢٠)        اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)      
البحوث > المتفرقة > التوبة وآثارها في الدارين الصفحة

التوبة وآثارها في الدارين
* الشيخ محمد الأسدي

المقدمة
خلق الانسان في هذه النشاة الدنيوية، نشأة الامتحان والاختبار، نشأة االتمحيص والابتلاء، خلق في هذه المرحلة من مراحل وجوده تتنازعه نوازع الخير والشر، كل منهما يحاول أن يقود الانسان الى المنحى الذي يريد، فنوازع الخير تبذل الجهود المضنية للارتقاء بالانسان الى ذروة الكمال الى اعلى عليين، ونوازع الشر تطلب الانحدار به الى الهاوية السحيقة، الى سجّين وما ادراك ما سجين. ولذلك فان في داخل الانسان صراعا عنيفا، وحربا ضروسا تدار رحاها في ميدان النفس، ومن كانت جنوده أقوى فهو المنتصر، وقد يمر الانسان في هذه الحرب بحالات كر وفر، فتارة تتغلب قوى الخير، وتارة اخرى تكون الجولة لقوى الشر حتى ينتهي الصراع بنزول الامر الالهي الذي لا مفر منه بموت الانسان، فتطوى صفحة الصراع الى الابد، ولايبقى مع الانسان من صراعه هذا الذي قد يطول وقد يقصر، إلا النتائج، أما للعقل والايمان وذلك الفوز العظيم، وأما للشهوات والنوازع الشيطانية وذلك هو الخسران المبين.
والله تعالى شأنه لرأفته بعباده، ولطفه بهم أمد الانسان في صراعه الداخلي مع هوى النفس وشهواتها، وفي صراعه الخارجي مع شياطين الجنّ والانس، أمده بما يحتاجه من عوامل مساعدة في صراعه، ومن انواع هذا الامداد الالهي أن جعل له عقلاً هادياً، وبعث له رسلاً وأنبياء وأقام له الحجة البالغة والبرهان الجليّ، وجعل نية عمل الخير ثواباً، وعمله مضاعفا بعشر أمثاله، والله يضاعف لمن يشاء، ومن ذلك أيضاً انه اذا نوى عمل الشر لم يكتبه عليه، واذا فعله كتب عليه السيئة بواحدة، وفتح له باباً من أوسع ابواب الرحمة الالهية وأعظمها ألا وهو باب التوبة، باب قال عنه زين العابدين عليه السلام في مناجاة التائبين: ( الهي أنت الذي فتحت لعبادك باباً الى عفوك سميته التوبة فقلت توبوا الى الله توبة نصوحاً).ـ مفاتيح الجنان ص١٦٦
باب من ثماره اذا كانت التوبة صادقة ان يبدل الله تعالى للتائب سيئاته حسنات، باب لاينغلق على الانسان إلا