الإنسان المعاصر والآفاق الحضارية المستقبلية
الدكتور مدثر عبد الرحيم الطيب*
لاشك أن انهيار المنظومة الشيوعية في أواخر العقد المنصرم ومطلع هذا العقد الأخير كان من أهم الأحداث العالمية التي وقعت في هذا القرن ـ على الأقل منذ عام ١٩١٧ ـ ومن أعظمها تأثيراً في عالمنا المعاصر، وعلى مختلف الأصعدة عملية وفكرية; وذلك لأن قوى الشيوعية المنهارة لم تتمثل في مجموعة من كبريات الدول ومن أعظمها قوة ونفوذاً في العالم وحسب، بل لأن الماركسية ـ اللينينية التي بنيت عليها كانت مشروعاً حضارياً متكاملاً، سعى بناته ودعاته لاعادة صياغة الحياة البشرية في ضوئه، ولخلق انسان جديد على وفق القيم والتصورات التي ناضلوا وماتوا من أجلها(١).
ولئن استـنتج سدنة النظام العالمي الذي بدأ في التبلور منذ انهيار الشيوعية (ومن بينهم ـ على صعيد الفكر ـ رجال من أمثال فوكوياما، صاحب «نهاية التاريخ») ان الزلزال الذي أطاح بالنظم الشيوعية قد فتح الطريق للمبادئ والقيم التي يختص المعسكر الغربي برعايتها لكي تسود العالم، وان سيادة تلك القيم بعد انهيار الشيوعية يمثل نهاية التاريخ ـ كما ادعى