اُسس البناء الحضاري ومستقبل الحضارة الإسلامية
* الدكتور محمود سريع القلم
لا يمكن تفعيل الاسس الفكرية والقيم الاسلامية بدون العلم (العلوم المتطورة اليوم)، ولهذا السبب تطرح قضية المزاوجة بين الوحي والعلم. اذ لا يمكن لأي نشاط نوعي ان يكون مثمراً ـ وفي أي مجال ـ بمعزل عن العلوم الحديثة. وهذه النقطة هي أحد اسس البناء الحضاري في العصر الحاضر. فمثلاً الحضارة الشيوعية كانت تدعي انها حضارة علمية، إلا ان أسسها الفكرية كانت واهية، مما ادى الى انهيارها وسقوطها.
والفكر الديني الذي ينتمي الى الوحي، بحاجة الى تقديم اجوبة اساسية لمتطلباته العديدة على جميع المستويات والشرائح الانسانية، وبالنتيجة فالانسان مضطر الى بلوغ درجات العلم الحديث، الذي تبلور خلال ابحاث ودراسات التنمية.
وهدفنا من هذا البحث هو معرفة اسس التنمية العقلية والعمل بها. اما اهم اسس هذه التنمية فهي: التشكّل الاجتماعي والنظام القانوني، والمجتمع الاوسع من الحكومة، ونفي التأثيرات السياسية عن عملية صنع القرار، والتحمل والقبول بالنظام والاستقرار الاقتصادي والتعليم المتحرك... الخ(١). وان العجلة الحضارية والمسؤولية الدولية اليوم لا تقبل اغفال هذه الاسس العقلية بأي نحو من الانحاء، وان أفكار وعقائد اي جراحة ـ ومنهم المسلمون ـ لا يمكن ان تنتقل من مرحلة الشعار الى الفاعلية بدون ان تنسجم ويتم مزاوجتها مع الاشكال والاساليب والاسس العقلية التي مرّ ذكرها، وهذا ما دلت عليه تجارب الاُمم في القرون الأخيرة.