العولمة؛ خطاب الهيمنة القديمة
بصيغة جديدة
الحسين الادريسي(*)
أثار النقاش الواسع والدائر بين « الفايننشال تايمز » الجريدة الانجليزية اليومية و« لوموندديبلوماتيك » الجريدة الفرنسية اليومية، التي تترجم الى خمس لغات من القارة الأوربية، ردود فعل متباينة عكستها النخب الاقتصادية في اوربا وامريكا على حد سواء، مما أفرز وجهتي نظر متباينتين حول الاقتصاد العالمي.
وقد أتى ذلك نتيجة رد جريدة « لوموند» على دعوة« هواردماشن » مدير المعهد الاوربي لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية بقبول حلقة النقاش للآراء المتعارضة في لندن العام الماضي، حول موضوع العولمة، بين مناصر متشدد لهذه الاخيرة ومعارض لها لاعتبارات عديــدة.
وفي ظل هذا النقاش الساخن يبقى العالم الاسلامي بنخبه الاقتصادية غائبا ً عن الموضوع وتشعباته، على الرغم من ان محيطنا جزء لا يتجزأ من سياسة العولمة، إنْ لم يكن هو المستهدف الرئيسي والقطاع المربح من العولمة، وهذا يعكس بوضوح الفتور الثقافي والاقتصادي الذي يعرفه مجتمعنا العربي الإسلامي، بمؤسساته المسؤولة عن دواليب السلطة السياسية والاقتصادية، كما يعكس من جهة اُخرى غياب خطاب القوى الممانعة للسياسات المتبعة في دولنا حول هذا الموضوع، وانشغالها اليومي والدائم بمعارك إيهامية لم تفصل خياراتها الاساسية، طوال عقود من النقاش والتفكير والصراع المرير، كما يبين الميوعة الفكرية للانتلجنسيا العربية ـ الاسلامية من التكنوقراط الذين يصفقون لكل شيء، بدون تمحيص ولا دراسة الأمر من جوانبه القيمية والاجتماعية.